وقوله: { ورسولاً إلى بني إسرائيل } أَيْ: ويجعله رسولاً إلى بني إسرائيل { أني } أَيْ: بأنِّي { قد جئتكم بآية من ربكم } وهي { أني أخلق } أَيْ: أُقدِّر وأُصوّر { كهيئة الطير } كصورته { وأبرىء الأكمه } وهو الذي وُلد أعمى { والأبرص } أَيْ: الذي به وَضَحٌ [أي: بياضٌ] { وأُنبئكم بما تأكلون } في غدوكم { وما } كم { تدخرون } لباقي يومكم. { ومصدِّقاً } أَيْ: وجئتكم مُصدِّقاً { لما بين يدي } أَي: الكتاب الذي أنزل من قبلي { ولأُحلَّ لكم بعض الذي حرّم عليكم } أحلَّ لهم على لسان المسيح لحوم الإِبل، والثُّروب، وأشياء من الطَّير، والحيتان ممَّا كان محرَّماً في شريعة موسى عليه السَّلام { وجئتكم بآية من ربكم } أَيْ: ما كان معه من المعجزات الدَّالَّة على رسالته، ووحَّدَ لأنَّها كلَّها جنسٌ واحدٌ في الدَّلالة. { فلما أَحسَّ عيسى } علم ورأى { منهم الكفر } وذلك أنَّهم أرادوا قتله حين دعاهم إلى الله تعالى، فاستنصر عليهم، و { قال مَنْ أنصاري إلى الله } أَيْ: مع الله، وفي ذات الله { قال الحواريون } وكانوا قصَّارين يحوّرون الثِّياب، أَيْ: يُبيِّضونها، آمَنوا بعيسى واتَّبعوه: { نحن أنصار الله } أنصار دينه { آمنا بالله واشهد } يا عيسى { بأنا مسلمون } وقوله: { فاكتبنا مع الشاهدين } مع الذين شهدوا للأنبياء بالصِّدق، والمعنى: أَثْبِتْ أسماءنا مع أسمائهم؛ لنفوز بمثل ما فازوا. { ومكروا } سعوا في قتله بالمكر { ومكر اللَّهُ } جازاهم على مكرهم بإلقاء شبه عيسى على مَنْ دلَّ عليه حتى أُخذ وصُلب { والله خير الماكرين } أفضل المجازين بالسَّيئةِ العقوبةَ، لأنَّه لا أحد أقدر على ذلك منه. { إذ قال الله يا عيسى } والمعنى: ومكر الله إذ قال الله يا عيسى: { إني متوفيك } أَيْ: قابضك من غير موتٍ وافياً تاماً، أَيْ: لم ينالوا منك شيئاً { ورافعك إليَّ } أَيْ: إلى سمائي ومحل كرامتي، فجعل ذلك رفعاً إليه للتَّفخيم والتَّعظيم، كقوله:{ إني ذاهبٌ إلى ربي } وإنَّما ذهب إلى الشَّام، والمعنى: إلى أمر ربِّي { ومطهِّرك من الذين كفروا } أَيْ: مُخرجك من بينهم { وجاعل الذين اتبعوك } وهم أهل الإِسلام من هذه الأمَّة. اتَّبعوا دين المسيح وصدَّقوه بأنَّه رسول الله، فواللَّهِ ما اتَّبعه مَنْ دعاه ربّاً { فوق الذين كفروا } بالبرهان والحُجَّة والعزِّ والغلبة. { ذلك } أَيْ: ما تقدَّم من النَّبأ عن عيسى ومريم عليهما السَّلام { نتلوه عليك } نخبرك به { من الآيات } أَي: العلامات الدَّالَّة على رسالتك؛ لأنَّها أخبارٌ عن أمورٍ لم يشاهدها ولم يقرأها من كتاب { والذكر الحكيم } أَي: القرآن المحكم من الباطل. وقيل: الحكيم: الحاكم، بمعنى المانع من الكفر والفساد.