الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ } * { بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ } * { وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } * { لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُواْ خَآئِبِينَ } * { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ إذ همَّت طائفتان منكم } بنو سَلِمة وبنو حارثة { أن تفشلا } أَنْ تجبنا، وذلك أنَّ هؤلاء همُّوا بالانصراف عن الحرب، فعصمهم الله { والله وليُّهما } ناصرهما وموالٍ لهما { وعلى الله فليتوكل } فليعتمد في الكفاية { المؤمنون }.

{ ولقد نصركم الله ببدرٍ وأنتم أذلَّةٌ } بقلَّة العدد وقلَّة السِّلاح { فاتقوا الله لعلكم تشكرون } أَيْ: فاتقونِ فإنه شكر نعمتي.

{ إذ تقول للمؤمنين } يوم بدرٍ: { ألن يكفيكم أَنْ يمدَّكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين }.

{ بلى } تصديقٌ لوعد الله { إن تصبروا } على لقاء العدوِّ { وتتقوا } معصية الله ومخالفة النبيِّ عليه السَّلام [ { ويأتوكم من فورهم } قيل: من وجههم: وقيل: من غيظهم] { يمددكم ربكم بخسمة آلاف من الملائكة مسوِّمين } مُعلَّمين، وكانت الملائكة قد سوِّمت يوم بدر بالصُّوف الأبيض في نواصي الخيل وأذنابها، ثمَّ صبر المؤمنون يوم بدر فأُمدّوا بخمسة آلاف من الملائكة.

{ وما جعله الله } أَيْ: ذلك الإِمداد { إلاَّ بشرى } أَيْ: بشارةً لكم { ولتطمئن قلوبكم به } فلا تجزع من كثرة العدو { وما النصر إلاَّ مِنْ عند الله } لأنَّ مَن لم ينصره الله فهو مخذولٌ وإنْ كثرت أنصاره.

{ ليقطع طرفاً } أَيْ: نصركم ببدرٍ [ليقطع طرفاً، أي:] ليهدم ركناً من أركان الشِّرك بالقتل والأسر { أو يكبتهم } أَيْ: يخزيهم ويُذلَّهم. يعني: الذين انهزموا. قوله:

{ ليس لك من الأمر شيء... } الآية. لمَّا كان يوم أُحدٍ من المشركين ما كان من كسر رباعيَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم وشجِّه، فقال: كيف يفلح قومٌ خضبوا وجه نبيِّهم وهو يدعوهم إلى ربِّهم؟! فأنزل الله تعالى هذه الآية يُعلمه أنَّ كثيراً منهم سيؤمنون، والمعنى: ليس لك من الأمر في عذابهم أو استصلاحهم شيءٌ، حتى يقع إنابتهم أو تعذيبهم، وهو قوله: { أو يتوب عليهم أو يعذبهم } فلمَّا نفى الأمر عن نبيِّه عليه السَّلام ذكر أنَّ جميع الأمر له، فمَنْ شاء عذَّبه، ومن شاء غفر له، وهو قوله: { ولله ما في السموات وما في الأرض يغفر لمن يشاء } أَي: الذَّنب العظيم للموحِّدين { ويعذّب من يشاء } يريد: المشركين على الذَّنب الصَّغير { والله غفورٌ } لأوليائه { رحيمٌ } بهم.