{ ولما توجَّه } قصد بوجهه { تلقاء مدين } نحوها { قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل } قصد الطَّريق، وذلك أنَّه لم يكن يعرف الطَّريق. { ولما ورد ماء مدين } وهو بئرٌ لهم { وجد عليه أمة } جماعةً { من الناس يسقون } مواشيهم { ووجد من دُونِهمُ امرأتين تذودان } تحسبان غنمهما عن الماء حتى يصدر مواشي النَّاس { قال } موسى لهما: { ما خطبكما }؟ ما شأنكما لا تسقيان مع النَّاس؟ { قالتا لا نسقي } مواشينا { حتى يصدر الرعاء } عن الماء، لأنا لا نطيق أن نستقي وأن نُزاحم الرِّجال، فإذا صدروا سقينا من فضل مواشيهم { وأبونا شيخ كبير } لا يمكنه أن يرد وأن يستقي. { فسقى لهما } أغنامهما من بئرٍ أخرى رفع عنها حجراً كان لا يرفعه إلاَّ عشرة أنفس { ثمَّ تولى إلى الظلّ } أَيْ: إلى ظلِّ شجرةٍ { فقال ربِّ إني لما أنزلت إليَّ من خير } طعامٍ { فقير } محتاجٌ، وكان قد جاع فسأل الله تعالى ما يأكل، فلما رجعتا إلى أبيهما أخبرتاه بما فعل موسى، فقال لإحداهما: اذهبي فادعيه، فذلك قوله: { فجاءته إحداهما } أخذت { تمشي على استحياء } مُستترةً بكُمِّ درعها { قالت إنَّ أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقصَّ عليه القصص } أخبره بأمره والسَّبب الذي أخرجه من أرضه { قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين } يعني: من فرعون وقومه؛ فإنَّه لا سلطان له بأرضنا.