الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } * { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } * { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } * { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِيۤ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ } * { قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } * { قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } * { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } * { ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ } * { قَالَ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ }

{ ثمَّ تولَّ عنهم } أَيْ: استأخر غير بعيدٍ { فانظر ماذا يرجعون } ما يردُّون من الجواب، فمضى الهدهد، وألقى إليها الكتاب، فـ

{ قالت يا أيها الملأ إني ألقي إليَّ كتاب كريم } حسنٌ ما فيه، ثمَّ بيَّنت ما فيه فقالت:

{ إنَّه من سليمان وإنَّه بسم الله الرحمن الرحيم }.

{ ألا تعلوعليَّ } أَيْ: لا تترفَّعوا عليَّ وإن كنتم ملوكاً { وأتوني مسلمين } طائعين مُنقادين.

{ قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري } بيِّنوا لي ما أعمل { ما كنت قاطعة } قاضيةً وفاصلةً { أمراً حتى تشهدون } حتى تحضرون، أَيْ: لا أقطع أمراً دونكم.

{ قالوا } مُجيبين لها: { نحن أولواْ قوَّة } في القتال { وأولواْ بأس شديد } عند الحرب { والأمر إليك } أيَّتها الملكة { فانظري ماذا تأمرين } نُطِعْك.

{ قالت إنَّ الملوك إذا دخلوا قرية } عنوةً وغلبةً { أفسدوها } خرَّبوها { وجعلوا أعزَّة أهلها أذلة } أهانوا أشرافها بها؛ ليستقيم لهم الأمر، أشارت إلى أنَّها لو جاءت سليمان محاربةً احتاجت إلى التَّخريب والإِفساد، وصدَّقها الله سبحانه في قولها فقال: { وكذلك يفعلون }.

{ وإني مرسلة إليهم بهدية } أُصانعه بها وأختبره أملكٌ هو أم نبيٌّ؟ فإن كان ملكاً قبلها، وإن كان نبيّاً لم يقبلها { فناظرة بِمَ } بأيِّ شيءٍ { يرجع المرسلون } من عنده.

{ فلما جاء } البريد أو الرَّسول { سليمان قال أتمدونني بمالٍ فما آتاني الله } من الدِّين والنُّبوَّة والحكمة { خيرٌ مما آتاكم } من الدُّنيا { بل أنتم بهديتكم تفرحون } لأنَّهم أهل مكاثرة بالدُّنيا، ثمَّ قال للرَّسول:

{ ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم } لا طاقة لهم { بها ولنخرجنَّهم منها } من أرضهم { أذلة } ، فجاءها الرَّسول وأخبرها بما رأى وشاهد، فتجهَّزت للمسير إلى سليمان، فلمَّا علم سليمان عليه السَّلام بمسيرها إليه.

{ قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها } سريرها { قبل أن يأتوني مسلمين } لأنَّه حينئذٍ لا يحلُّ أخذ ما في أيديهم.