الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِيۤ أُمْطِرَتْ مَطَرَ ٱلسَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُواْ يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ نُشُوراً } * { وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } * { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } * { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً } * { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً } * { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِبَاساً وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً } * { لِّنُحْيِـيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً } * { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } * { وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً } * { فَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبيراً }

{ ولقد أتوا } يعني: مشركي مكَّة { على القرية التي أمطرت مطر السوء } يعني: الحجارة، وهي قرية قوم لوطٍ { أفلم يكونوا يرونها } إذا مرُّوا بها مسافرين فيعتبروا { بل كانوا لا يرجون نشوراً } لا يخافون بعثاً.

{ وإذا رأوك إن يتخذونك إلاَّ هزواً } ما يتَّخذونك إلاَّ مهزوءاً به، ويقولون: { أهذا الذي بعث الله رسولاً } إلينا؟

{ إن كاد } إنَّه كاد { ليضلنا عن آلهتنا } فيصدُّنا عن عبادتها { لولا أن صبرنا عليها } لصرفنا عنها.

{ أرأيت من اتخذ إلهه هواه } وهو أنَّهم كانوا يعبدون شيئاً حجراً، أو ما كان، فإذا رأوا حجراً أحسن طرحوا الأوَّل وعبدوا الأحسن، فهم يعبدون ما تهواه أنفسهم { أفأنت تكون عليه وكيلاً } حفيظاً حتى تردَّه إلى الإِيمان، أَيْ: ليس عليك إلاَّ التبليغ. وقيل: إنَّ هذا ممَّا نسخته آية السَّيف.

{ أم تحسب أنَّ أكثرهم يسمعون } سماع تفهيم { أو يعقلون } بقلوبهم ما تقول لهم: { إن هم } ما هم { إلاَّ كالأنعام } في جهل الآيات وما جعل لهم من الدَّليل { بل هم أضلُّ سبيلاً } لأنَّ النَّعم تنقاد لمن يتعهده، وهم لا يطيعون مولاهم الذي أنعم عليهم.

{ ألم ترَ } ألم تعلم { إلى ربك كيف مدَّ الظلَّ } وقت الإِسفار إلى وقت طلوع الشَّمس { ولو شاء لجعله } لجعل الظلَّ { ساكناً } ثابتاً دائماً { ثمَّ جعلنا الشمس عليه دليلاً } لأنَّ بالشَّمس يُعرف الظِّلُّ.

{ ثم قبضناه } قبضنا الظِّلَّ إلينا بارتفاع الشَّمس { قبضاً يسيراً } قيل: خفيَّاً. وقيل: سهلاً.

{ وهو الذي جعل لكم الليل لباساً } يستركم { والنوم سباتاً } راحةً لأبدانكم { وجعل النهار نشوراً } حياة تنتشرون فيه من النَّوم. وقوله:

{ طهوراً } هو الطَّاهر المُطهِّر.

{ لنحيي به } بالماء الذي أنزلناه من السَّماء { بلدة ميتاً } بالجدوبة { ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسيَّ كثيراً } جمع إنسيٍّ، وهم الذين سقيناهم المطر.

{ ولقد صرفناه } أَيْ: المطر { بينهم } بأنواعه وابلاً، وطشَّاً، ورُهَاماً، ورذاذاً { ليذكروا } ليتذكَّروا به نعمة الله تعالى { فأبى أكثر الناس إلاَّ كفوراً } جُحوداً حين قالوا: سُقينا بِنَوء كذا.

{ ولو شِئنا لبعثنا في كلِّ قرية نذيراً } لنخفِّف عليك أعباء النبوَّة، ولكن لم نفعل ذلك ليعظم أجرك.

{ فلا تطع الكافرين } في هواهم ولا تداهنهم { وجاهدهم به } وجاهد بالقرآن { جهاداً كبيراً } لا يُخالطه فتورٌ.