{ ولقد أتوا } يعني: مشركي مكَّة { على القرية التي أمطرت مطر السوء } يعني: الحجارة، وهي قرية قوم لوطٍ { أفلم يكونوا يرونها } إذا مرُّوا بها مسافرين فيعتبروا { بل كانوا لا يرجون نشوراً } لا يخافون بعثاً. { وإذا رأوك إن يتخذونك إلاَّ هزواً } ما يتَّخذونك إلاَّ مهزوءاً به، ويقولون: { أهذا الذي بعث الله رسولاً } إلينا؟ { إن كاد } إنَّه كاد { ليضلنا عن آلهتنا } فيصدُّنا عن عبادتها { لولا أن صبرنا عليها } لصرفنا عنها. { أرأيت من اتخذ إلهه هواه } وهو أنَّهم كانوا يعبدون شيئاً حجراً، أو ما كان، فإذا رأوا حجراً أحسن طرحوا الأوَّل وعبدوا الأحسن، فهم يعبدون ما تهواه أنفسهم { أفأنت تكون عليه وكيلاً } حفيظاً حتى تردَّه إلى الإِيمان، أَيْ: ليس عليك إلاَّ التبليغ. وقيل: إنَّ هذا ممَّا نسخته آية السَّيف. { أم تحسب أنَّ أكثرهم يسمعون } سماع تفهيم { أو يعقلون } بقلوبهم ما تقول لهم: { إن هم } ما هم { إلاَّ كالأنعام } في جهل الآيات وما جعل لهم من الدَّليل { بل هم أضلُّ سبيلاً } لأنَّ النَّعم تنقاد لمن يتعهده، وهم لا يطيعون مولاهم الذي أنعم عليهم. { ألم ترَ } ألم تعلم { إلى ربك كيف مدَّ الظلَّ } وقت الإِسفار إلى وقت طلوع الشَّمس { ولو شاء لجعله } لجعل الظلَّ { ساكناً } ثابتاً دائماً { ثمَّ جعلنا الشمس عليه دليلاً } لأنَّ بالشَّمس يُعرف الظِّلُّ. { ثم قبضناه } قبضنا الظِّلَّ إلينا بارتفاع الشَّمس { قبضاً يسيراً } قيل: خفيَّاً. وقيل: سهلاً. { وهو الذي جعل لكم الليل لباساً } يستركم { والنوم سباتاً } راحةً لأبدانكم { وجعل النهار نشوراً } حياة تنتشرون فيه من النَّوم. وقوله: { طهوراً } هو الطَّاهر المُطهِّر. { لنحيي به } بالماء الذي أنزلناه من السَّماء { بلدة ميتاً } بالجدوبة { ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسيَّ كثيراً } جمع إنسيٍّ، وهم الذين سقيناهم المطر. { ولقد صرفناه } أَيْ: المطر { بينهم } بأنواعه وابلاً، وطشَّاً، ورُهَاماً، ورذاذاً { ليذكروا } ليتذكَّروا به نعمة الله تعالى { فأبى أكثر الناس إلاَّ كفوراً } جُحوداً حين قالوا: سُقينا بِنَوء كذا. { ولو شِئنا لبعثنا في كلِّ قرية نذيراً } لنخفِّف عليك أعباء النبوَّة، ولكن لم نفعل ذلك ليعظم أجرك. { فلا تطع الكافرين } في هواهم ولا تداهنهم { وجاهدهم به } وجاهد بالقرآن { جهاداً كبيراً } لا يُخالطه فتورٌ.