{ سمعوا لها تغيظاً } أَيْ: صوتاً بغيظٍ، وهو التَّغضُّب { وزفيراً } صوتاً شديداً. { وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً } وذلك أنَّهم يُدفعون في النَّار كما يُدفع الوتد في الحائط { مقرَّنين } مقرونين مع الشَّياطين { دعوا هنالك ثبوراً } ويلاً وهلاكاً، فيقال لهم: { لا تدعوا اليوم ثُبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً }. { قل أذلك } الذي ذكرتُ من موضع أهل النَّار ومصيرهم { خيرٌ أم جنة الخلد... } الآية. وقوله: { وعداً مسؤولاً } لأنَّ الملائكة سألت ذلك لهم في قوله تعالى:{ ربَّنا وأَدْخِلْهم جنَّاتِ عدنٍ التي وَعَدْتَهُم ومَنْ صلَحَ من آبائِهم وأزوَاجِهم وذُرِّيَّاتهم } { ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله } الأصنام، والملائكة، والمسيح، وعزيراً { فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء } هذا توبيخ للكفَّار، كقوله لعيسى عليه السَّلام:{ أَأنتَ قُلْتَ للنَّاس اتَّخذوني وأُمِّي إلهين من دُونِ الله } { قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتَّخذ من دونك أولياء } أن نوالي أعداءك، وفي هذا براءةُ معبوديهم منهم { ولكن متعتهم وآباءهم } في الدُّنيا بالصَّحة والنِّعمة { حتى نسوا الذكر } تركوا ما وُعظوا به { وكانوا قوماً بوراً } هلكى بكفرهم. { فقد كذبوكم بما تقولون } بقولكم: إنَّهم كانوا آلهة { فما تستطيعون } يعني: الآلهة { صرفاً } للعذاب عنكم { ولا نصراً } لكم { ومن يظلم } أَيْ: يشرك { منكم نذقه عذاباً كبيراً }. { وما أرسلنا قبلك... } الآية. هذا جوابٌ لقولهم: { ما لهذا الرسول... } الآية. أخبر الله سبحانه أنَّ كلَّ مَنْ خلا من الرُّسل كان بهذه الصِّفة { وجعلنا بعضكم لبعض فتنة } الصَّحيح للمريض، والغنيّ للفقير فيقول الفقير: لو شاء الله لأغناني كما أغنى فلاناً، ويقول المريض: لو شاء الله لعافاني كما عافى فلاناً، وكذلك كلُّ النَّاس مبتلى بعضهم ببعض، فقال الله تعالى: { أتصبرون } على البلاء؟ فقد عرفتم ما وُعد الصَّابرون { وكان ربك بصيراً } بمَنْ يصبر، وبمَنْ يجزع.