{ وإذا بلغ الأطفال منكم } من أحراركم { الحلم فليستأذنوا } في كلِّ وقتٍ { كما استأذن الذين من قبلهم } يعني: الكبار من الأحرار. { والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً } يعني: العجائز اللاتي أيسن من البعولة { فليس عليهم جناح أن يضعن ثيابهن } جلابيبهنَّ { غير متبرجات بزينة } غير مُظهراتٍ زينتهنَّ، وهو أن لا تريد بوضع الجلباب أن تُري زينتها { وأن يستعففن } فلا يضعن الجلباب { خيرٌ لهن }. { ليس على الأعمى حرج... } الآية. كان المسلمون يخرجون للغزو، ويدفعون مفاتيح بيوتهنَّ إلى الزَّمنى الذين لا يخرجون، ويقولون لهم: قد أحللنا لكم أن تأكلوا ممَّا فيها، فكانوا يتوقَّون ذلك حتى نزلت هذه الآية. وقوله: { ولا على أنفسكم } أراد: ولا عليكم أنفسكم { أن تأكلوا من بيوتكم } أَيْ: بيوت أولادكم، فجعل بيوت أولادهم بيوتهم؛ لأنَّ ولد الرَّجل من كسبه، ومالَه كمالِه، وقوله: { أو ما ملكتم مفاتحه } يريد: الزَّمنى الذين كانوا يخزنون للغزاة { ليس عليكم جناح أن تأكلوا } من منازل هؤلاءٍ إذا دخلتموها وإن لم يحضروا ولم يعلموا من غير أن يحملوا، وهذه رخصةٌ من الله تعالى لطفاً بعباده، ورغبة بهم عن دناءة الأخلاق وضيق النَّظر، وقوله: { أو صديقكم } يجوز للرَّجل أن يدخل بيت صديقه فيتحرَّم بطعامه من غير استئذانٍ بهذه الآية، وقوله: { أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً } يقول: لا جناح عليكم إن اجتمعتم في الأكل، أو أكلتم فرادى، وإن اختلفتم فكان فيكم الزَّهيد والرغيب، والعليل والصَّحيح، وذلك أنَّ المسلمين تركوا مؤاكلة المرضى والزَّمنى بعد نزول قوله تعالى:{ ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } فقالوا: إنَّهم لا يستوفون من الأكل، فلا تحلُّ لنا مؤاكلتهم، فنزلت الرُّخصة في هذه الآية. { فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم } فليسلِّم بعضكم على بعض. وقيل: إذا دخلتم بيوتاً خالية فليقل الدَّاخل: السَّلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين.