الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ } * { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ } * { لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ } * { ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ } * { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ ٱلأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ } * { حُنَفَآءَ للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } * { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ }

{ إنَّ الذين كفروا ويصدُّون عن سبيل الله } يمنعون عن طاعة الله تعالى. { والمسجد الحرام } يمنعون المؤمنين عنه { الذي جعلناه للناس } خلقناه وبنيناه للنَّاس كلِّهم لن نخصَّ به بعضاً دون بعض { سواءً العاكف فيه والباد } سواءٌ في تعظيم حرمته وقضاء النُّسك به الحاضر، والذي يأتيه من البلاد، فليس أهل مكَّة بأحقَّ به من النَّازع إليه { ومَن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ } أَيْ: إلحاداً بظلمٍ، وهو أن يميل إلى الظُّلم، ومعناه: صيد حمامة وقطع شجرة، ودخوله غير مُحرمٍ، وجميع المعاصي؛ لأنَّ السَّيئات تُضاعف بمكَّة كما تُضاعف الحسنات.

{ وإذْ بوَّأنا لإبراهيم مكان البيت } بيَّنا له أين يُبنى { أن لا تشرك } يعني: وأمرناه أن لا تشرك { بي شيئاً وطهر بيتي } مفسَّرٌ في سورة البقرة.

{ وأذن في الناس } نادِ فيهم { بالحج يأتوك رجالاً } مُشاةً على أرجلهم، { و } ركباناً { على كلّ ضامر } وهو البعير المهزول { يأتين من كلِّ فج عميق } طريق بعيدٍ.

{ ليشهدوا } ليحضروا { منافع لهم } من أمر الدُّنيا والآخرة { ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } يعني: التَّسمية على ما ينحر في يوم النَّحر وأيَّامِ التَّشريق { فكلوا منها } أمر إباحةٍ، وكان أهل الجاهليَّة لا يأكلون من نَسائكم، فأمر المسلمون أن يأكلوا { وأطعموا البائس الفقير } الشَّديد الفقر.

{ ثم ليقضوا تفثهم } يعني: ما يخرجون به من الإحرام، وهو أخذ الشَّارب، وتقليم الظُّفر، وحلق العانة، ولبس الثَّوب { وليوفوا نذورهم } يعني: ما نذروه من برٍّ وهدي في أيَّام الحجِّ { وليطوفوا بالبيت العتيق } القديم. وقيل: المُعتق من أن يتسلَّط عليه جبَّار. يعني: الكعبة.

{ ذلك } أَيْ: الأمر ذلك الذي ذكرت { ومن يعظم حرمات الله } فرائض الله وسننه. { وأحلت لكم الأنعام } أن تأكلوها { إلاَّ ما يتلى عليكم } في قوله:حُرِّمت عليكم الميتة... } الآية. ومعنى هذا النَّهي تحريمُ ما حرَّمه أهل الجاهليَّة من البحيرة والسَّائبة وغير ذلك { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } يعني: عبادتها { واجتنبوا قول الزور } يعني: الشِّرك بالله.

{ حنفاء لله } مسلمين عادلين عن كلِّ دينٍ سواه. { ومن يشرك بالله فكأنما خرَّ } سقط { من السماء } فاختطفته الطَّير من الهواء، أو ألقته الرِّيح في { مكان سحيق } بعيدٍ. يعني: إنَّ مَنْ أشرك فقد هلك وبَعُدَ عن الحقِّ.

{ ذلك ومن يعظم شعائر الله } يستسمن البُدن { فإنَّ ذلك من } علامات التَّقوى.