الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلَٰئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَٰدِقِينَ } * { قَالُواْ سُبْحَٰنَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ }

{ وإذ قال ربك } واذكر لهم يا محمَّدُ إذ قال ربُّك { للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة } يعني: آدم، جعله خليفةً عن الملائكة الذين كانوا سكَّان الأرض بعد الجنِّ، والمراد بذكر هذه القصَّة ذكرُ بدءِ خلق النَّاس. { قالوا أتجعل فيها مَنْ يفسد فيها } كما فعل بنو الجانِّ، قاسوا [الشَّاهد] على الغائب { ونحن نسبح بحمدك } نُبرِّئُك من كلِّ سوءٍ، ونقول: سبحان الله وبحمده، { ونقدِّسُ لك } ونُنزِّهك عمَّا لا يليق بك { قال إني أعلم ما لا تعلمون } من إضمار إبليس العزم على المعصية، فلمَّا قال الله تعالى هذا للملائكة قالوا فيما بينهم: لن يخلق ربُّنا خلقاً هو أعلمُ منَّا، ففضَّل الله تعالى عليهم آدم بالعلم، وعلَّمه اسم كلِّ شيء حتى القصعة [والقصيعة ] والمِغْرفة، وذلك قوله تعالى:

{ وعلَّم آدم الأسماءَ كلَّها } أَيْ: خلق في قلبه علماً بالأسماء على سبيل الابتداء { ثمَّ عرَضهم } أَيْ: عرض المسمَّيات بالأسماء من الحيوان والجماد وغير ذلك { على الملائكة فقال أنبئوني } أخبروني { بأسماء هٰؤلاء } وهذا أمرُ تعجيزٍ، أراد الله تعالى أن يُبيِّن عجزهم عن علم ما يرون ويُعاينون { إن كنتم صادقين } أنِّي لا أخلق خلقاً أعلمَ منكم، فقالت الملائكة إقراراً بالعجز واعتذاراً:

{ سبحانك } تنزيهاً لك عن الاعتراض عليك في حكمك { لا علم لنا إلاَّ ما علمتنا } اعترفوا بالعجز عن علم ما لم يُعلَّموه { إنَّك أنت العليم } العالم { الحكيم } الحاكم تحكم بالحقِّ وتقتضي به، فلمَّا ظهر عجز الملائكة قال الله تعالى لآدم: { يا آدم أنبئهم بأسمائهم }.