{ للفقراء } أَيْ: هذه الصَّدقات والإِنفاق التي تقدَّم ذكرها { للفقراء الذين أحصروا } أَيْ: حُبسوا، أَيْ: هم فعلوا ذلك. حبسوا أنفسهم { في سبيل الله } في الجهاد. يعني: فقراء المهاجرين { لا يستطيعون ضرباً } أَيْ: سيراً { في الأرض } لا يتفرَّغُون إلى طلب المعاش؛ لأنهم قد ألزموا أنفسهم أمر الجهاد، فمنعهم ذلك من التَّصرُّف، حثَّ الله تعالى المؤمنين على الإِنفاق عليهم { يحسبهم الجاهل } يخالهم { أغنياء من التعفف } عن السُّؤال { تعرفهم بسيماهم } بعلامتهم، التَّخشُّع والتَّواضع وأثر الجهد { لا يسألون الناس إلحافاً } أَيْ: إلحاحاًً. إذا كان عندهم غداءٌ لم يسألوا عشاءً، وإذا كان عندهم عَشاءٌ لم يسألوا غداءً. { الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار... } الآية. نزلت في عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه كان عنده أربعة دراهم لا يملك غيرها، فَتَصدَّق بدرهمٍ سرَّاً، ودرهمٍ علانيةً، ودرهمٍ ليلاً، ودرهمٍ نهاراً. { الذين يأكلون الربا } أيْ: يُعاملون به، فَنَبَّه بالأكل على غيره { لا يقومون } من قبورهم يوم القيامة { إلاَّ كما يقوم الذي يتخبَّطه الشيطان } يصيبه بجنونٍ { من المس } من الجنون، وذلك أنَّ آكل الرِّبا يُبعث يوم القيامة مجنوناً { ذلك } أَيْ: ذلك الذي نزل بهم { بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا } وهو أنَّ المشركين قالوا: الزِّيادة على رأس المال بعد مَحِلِّ الدَّين كالزِّيادة بالرِّبح في أوَّل البيع، فكذَّبهم الله تعالى فقال: { وأحلَّ الله البيع وحرَّم الربا فمن جاءه موعظة من ربه } أَيْ: وُعظ { فانتهى } عن أكل الرِّبا { فله ما سلف } أَّيْ: ما أكل من الرِّبا، ليس عليه ردُّ ما أخذ قبل النَّهي { وأمره إلى الله } والله وليُّ أمره { ومَنْ عاد } إلى استحلال الرِّبا { فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون }. { يمحق الله الربا } أَيْ: ينقصه ويذهب بركته وإن كان كثيراً، كما يمحق القمر { ويربي الصدقات } يربيها لصاحبها كما يُربي أحدكم فصيله { والله لا يحبُّ كل كفار } بتحريم الرِّبا مستحلٍّ له { أثيم } فاجر بأكله [مُصِرٍّ عليه].