{ لا إكراه في الدِّين } بعد إسلام العرب؛ لأنهم أُكرهوا على الإِسلام فلم يُقبل منهم الجزية؛ لأنَّهم كانوا مشركين، فلمَّا أسلموا أنزل الله تعالى هذه الآية. { قد تبين الرشد من الغي } ظهر الإِيمان من الكفر، والهدى من الضَّلالة بكثرة الحجج { فمن يكفر بالطاغوت } بالشَّيطان والأصنام { ويؤمن بالله } واليوم الآخر { فقد استمسك } أَيْ: تمسَّك { بالعروة الوثقى } عقد لنفسه عقداً وثيقاً، وهو الإِيمان وكلمة الشَّهادتين { لا انفصام لها } أي: لا انقطاع لها { والله سميع } لدعائك يا محمَّدُ أيَّايَ بإسلام أهل الكتاب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ إسلام أهل الكتاب الذين حول المدينة، ويسأل الله ذلك { عليم } بحرصك واجتهادك. { والله وليُّ الذين آمنوا } أَيْ: ناصرهم ومتولِّي أمورهم { يخرجهم من الظلمات } من الكفر والضَّلالة إلى الإِيمان والهداية { والذين كفروا } أي: اليهود { أولياؤهم الطاغوت } يعني: رؤساءهم كعب بن الأشرف وحُيي بن أخطب { يخرجونهم من النور } يعني: ممَّا كانوا عليه من الإِيمان بمحمدٍ عليه السَّلام قبل بعثه { إلى الظلمات } إلى الكفر به بعد بعثه. { ألم تر إلى الذي حاجَّ } جادل وخاصم { إبراهيم في ربه } حين قال له: مَنْ ربُّك؟ { أن آتاه الله الملك } أي: الملك الذي آتاه الله. يريد: بطرُ الملك حمله على ذلك، وهو نمروذ بن كنعان { إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت } فقال عدو الله: { أنا أحيي وأميت } فعارضه بالاشتراك في العبارة من غير فعل حياةٍ ولا موتٍ، فلما لبَّس في الحجَّة بأنْ قال: أنا أفعل ذلك احتجَّ إبراهيم عليه بحجَّةٍ لا يمكنه فيها أن يقول: أنا أفعل ذلك، وهو قوله: { قال إبراهيم فإنَّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر } أي: انقطع وسكت.