الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ وَأَن تَعْفُوۤاْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ } * { فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } * { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى ٱلْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } * { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

{ لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهنَّ } نزلت في رجلٍ من الأنصار تزوَّج امرأة ولم يسمِّ لها مهراً، ثمَّ طلَّقها قبل أن يمسَّها، فأعلم الله تعالى أنَّ عقد التَّزويج بغير مهرٍ جائز، ومعناه: لا سبيل للنِّساء عليكم إنْ طلقتموهنَّ من قبل المسيس والفرض بصداقٍ ولا نفقة، وقوله: { أو تفرضوا لهنَّ فريضة } أَيْ: تُوجبوا لهنَّ صداقاً { ومتعوهنَّ } أَيْ: زوِّدوهنَّ وأعطوهنَّ من ما لكم ما يتمتَّعْنَ به، فالمرأة إذا طُلِّقت قبل تسمية المهر وقبل المسيس فإنَّها تستحق المتعة بإجماع العلماء، ولا مهرَ لها و { على الموسع } أَي: الغنيِّ الذي يكون في سعةٍ من غناه { قدره } أَيْ: قدر إمكانه { وعلى المقتر } الذي في ضيق من فقره قدر إمكانه. أعلاها خادم، وأوسطها ثوب، وأقلُّها أقلُّ ماله ثمن. قال الشافعيُّ: وحسنٌ ثلاثون درهماً. { متاعاً } أَيْ: متعوهنَّ متاعاً { بالمعروف } بما تعرفون أنَّه القصد وقدر الإِمكان { حقاً } واجباً { على المحسنين }.

{ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهنَّ } هذا في المُطلَّقة بعد التَّسمية وقبل الدُّخول، حكم الله تعالى لها بنصف المهر، وهو قوله: { فنصف ما فرضتم } أَيْ: فالواجبُ نصف ما فرضتم { إلاَّ أن يعفون } أَي: النِّساء، أَيْ: إلاَّ أَنْ يتركن ذلك النِّصف، فلا يُطالبن الأزواج به { أو يعفو الذي بيده عقدةًُ النكاح } أَي: الزَّوج لا يرجع في شيءٍ من المهر، فيدع لها المهر الذي وفَّاه عملاً { وأن تعفو } خطابٌ للرِّجال والنِّساء { أقرب للتقوى } أَيْ: أدعى إلى اتِّقاء معاصي الله؛ لأنَّ هذا العفو ندبٌ، فإذا انتدب المرء له عُلم إنَّه - لما كان فرضاً - أشدُّ استعمالاً { ولا تنسوا الفضل بينكم } لا تتركوا أن يتفضَّل بعضكم على بعض. هذا أمرٌ للزَّوج والمرأة بالفضل والإِحسان.

{ حافظوا على الصلوات } بأدائها في أوقاتها { والصلاة الوسطى } أَيْ: صلاة الفجر، [لأنَّها بين صلاتي ليلٍ وصلاتي نهارٍ] أفردها بالذِّكر تخصيصاً { وقوموا لله قانتين } مُطيعين.

{ فإن خفتم فرجالاً } أَيْ: إن لم يمكنكم أن تصلُّوا موفِّين للصَّلاة حقًَّها فصلُّوا مُشاةً على أرجلكم { أو ركباناً } على ظهور دوابِّكم، وهذا في المطاردة والمسايفة { فإذا أمنتم فاذكروا الله } أَيْ: فصلُّوا الصَّلوات الخمس تامَّةً بحقوقها { كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون } كما افترض عليكم في مواقيتها.

{ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية } فعليهم وصيةٌ { لأزواجهم } لنسائهم، وهذا كان في ابتداء الإِسلام لم يكن للمرأة ميراثٌ من زوجها، وكان على الزَّوج أن يُوصي لها بنفقة حولٍ، فكان الورثة ينفقون عليها حولاً، وكان الحول عزيمةً عليها في الصَّبر عن التَّزوُّج، وكانت مُخيَّرة في أن تعتدَّ إن شاءت في بيت الزَّوج، وإن شاءت خرجت قبل الحول وتسقط نفقتها، فذلك قوله: { متاعاً إلى الحول } أَيْ: متعوهنَّ متاعاً.

السابقالتالي
2