{ وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهنَّ } أَيْ: قاربن انقضاء عدتهنَّ { فأمسكوهنَّ بمعروف } أَيْ: راجعوهنّ بإشهادٍ على الرَّجعة وعقد لها لا بالوَطْء كما يقول أبو حنيفة { أو سرحوهنَّ بمعروف } أَي: اتركوهنَّ حتى تنقضي عدتهنَّ ويكنَّ أملك بأنفسهنَّ { ولا تمسكوهنَّ ضراراً } أَيْ: لا تُراجعوهنَّ مضارَّةً وأنتم لا حاجة بكم إليهنَّ { لتعتدوا } عليهنَّ بتطويل العِدَّة { ومن يفعل ذلك } الاعتداء { فقد ظلم نفسه } ضرَّها وأثم فيما بينه وبين الله عزَّ وجلَّ { ولا تتخذوا آيات الله هزواً } كان الرَّجل يُطلِّق في الجاهليَّة ويقول: إنَّما طلَّقت وأنا لاعبٌ، فيرجع فيها، فأنزل الله تعالى هذه الآية. { واذكروا نعمة الله عليكم } بالإِسلام { وما أنزل عليكم من الكتاب } يعني: القرآن { والحكمة } مواعظ القرآن. { وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهنَّ } انقضت عدتهنَّ { فلا تعضلوهنَّ } لا تمنعوهنَّ { أن ينكحن أزواجهنَّ } بنكاحٍ جديدٍ، أَي: الذين كانوا أزواجاً لهنَّ. نزلت في أخت معقل بن يسار طلَّقها زوجها، فلمَّا انقضت عدَّتها جاء يخطبها، فأبى معقلٌ أن يُزوِّجها ومنعها بحقِّ الولاية { إذا تراضوا بينهم بالمعروف } بعقدٍ حلالٍ ومهرٍ جائزٍ { ذلك } أَيْ: أَمْرُ اللَّهِ بتَرْكِ العضل { يوعظ به مَنْ كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذٰلكم أزكى } أَيْ: ترك العضل خير { لكم } وأفضلُ { وأطهر } لقلوبكم من الرِّيبة، وذلك أنَّهما إذا كان في قلب كلِّ واحدٍ منهما علاقةُ حبِّ لم يُؤمن عليهما { والله يعلم } ما لكم فيه من الصَّلاح. { والوالداتُ يرضعن أولادهن } لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر، وهو أمر استحبابٍ لا أمر إيجابٍ. يريد: إنهنَّ أحقُّ بالإِرضاع من غيرهنَّ إذا أردن ذلك { حولين } سنتين { كاملين } تامين، وهذا تحديدٌ لقطع التَّنازع بين الزَّوجين إذا اشتجرا في مدَّة الرَّضاع. يدلُّ على هذا قوله: { لمن أراد } أَيْ: هذا التَّقدير والبيان { لمن أراد أن يتمَّ الرضاعة } ، { وعلى المولود له } أَي: الأب { رزقهن وكسوتهنَّ } رزق الوالدات ولباسهنَّ. قال المفسرون: وعلى الزَّوج رزق المرأة المُطلَّقة وكسوتها إذا أرضعت الولد { بالمعروف } بما يعرفون أنَّه عدلٌ على قدر الإِمكان،وهو معنى قوله: { لا تكلف نفس إلاَّ وسعها } لا تلزم نفسٌ إلاَّ ما يسعها { لا تضار والدة بولدها } لا ينزع الولد منها إلى غيرها بعد أَنْ رضيت بإرضاعه، وألفها الصَّبيُّ، ولا تُلقيه هي إلى أبيه بعدما عرفها تُضَارُّه بذلك، وهو قوله: { ولا مولود له بولده } ، { وعلى الوارث مثل ذلك } هذا نسقٌ على قوله: { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهنَّ } بمعنى: على وارث الصبيِّ - الذي لو مات الصبيُّ وله مالٌ ورثه - مثل الذي كان على أبيه في حياته، وأراد بالوارث مَنْ كان من عصبته كائناً من كان من الرِّجال { فإن أرادا } يعني: الأبوين { فصالاً } فطاماً للولد { عن تراضٍ منهما } قبل الحولين { وتشاور } بينهما { فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم } مراضع غير الوالدة { فلا جناح عليكم } فلا إثم عليكم { إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف } أَيْ: إذا سلَّمتم إلى الأُمِّ أجرتها بمقدار ما أرضعت.