{ وإذا سألك عبادي عني... } الآية. سأل بعض الصَّحابة النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أقريبٌ ربُّنا فنناجيَه، أم بعيدٌ فنناديَه؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقوله تعالى: { فإني قريبٌ } يعني: قربه بالعلم { أجيب } أسمع { دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي } أَيْ: فليجيبوني بالطَّاعة وتصديق الرُّسل { وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون } ليكونوا على رجاءٍ من إصابة الرُّشد. { أحلَّ لكم ليلة الصيام... } الآية. كان في ابتداء الإسلام لا تحلُّ المجامعة في ليالي الصَّوم، ولا الأكل ولا الشُّرب بعد العشاء الآخرة، فأحلَّ الله تعالى ذلك كلَّه إلى طلوع الفجر، وقوله: { الرفث إلى نسائكم } يعني: الإِفضاء إليهنَّ بالجماع { هنَّ لباسٌ لكم } أَيْ: فراشٌ { وأنتم لباس } لحافٌ { لهنَّ } عند الجماع { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم } تخونون أنفسكم بالجماع ليالي رمضان، وذلك أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وغيره فعلوا ذلك، ثمَّ أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه، فنزلت الرُّخصة { فتاب عليكم } فعاد عليكم بالترخيص { وعفا عنكم } ما فعلتم قبل الرُّخصة { فالآن باشروهنَّ } جامعوهنَّ { وابتغوا } واطلبوا { ما كتب الله لكم } ما قضى الله سبحانه لكم من الولد { وكلوا واشربوا } اللَّيل كلَّه { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض } يعني: بياض الصُّبح { من الخيط الأسود } من سواد اللَّيل { من الفجر } بيانُ أنَّ هذا الخيط الأبيض من الفجر لا من غيره { ثمَّ أتموا الصيام إلى الليل } بالامتناع من هذه الأشياء { ولا تباشروهنَّ وأنتم عاكفون في المساجد } نهيٌ للمعتكف عن الجماع؛ لأنه يُفسده، { تلك } أَيْ: هذه الأحكام التي ذكرها { حدود الله } ممنوعاته { فلا تقربوها } فلا تأتوها { كذلك } أَيْ: مثل هذا البيان: { يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون } المحارم. { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } أَيْ: لا يأكل بعضكم مال بعضٍ بما لا يحلُّ في الشَّرع، من الخيانة والغصب، والسَّرقة والقمار، وغير ذلك { وتُدْلُوا بها إلى الحكام } ولا تصانعوا [أَيْ: لا ترشوا] بأموالكم الحكَّام لِتقتطعوا حقَّاً لغيركم { لتأكلوا فريقاً } طائفةً { من أموال الناس بالإِثم } بأن ترشوا الحاكم ليقضي لكم { وأنتم تعلمون } أنَّكم مُبطلون، وأنَّه لا يحلُّ لكم، والأصل في الإِدلاء: الإِرسال، من قولهم: أدليتُ الدَّلو.