الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ ٱلنَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلاَلَةَ بِٱلْهُدَىٰ وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِي ٱلْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } * { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلْكِتَابِ وَٱلنَّبِيِّينَ وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلاةَ وَآتَى ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَٱلصَّابِرِينَ فِي ٱلْبَأْسَآءِ وٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ }

{ إنَّ الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب } يعني: رؤساء اليهود { ويشترون به } بما أنزل الله من نعت محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم في كتابهم { ثمناً قليلاً } يعني: ما يأخذون من الرُّشى على كتمان نعته { أولئك ما يأكلون في بطونهم إلاَّ النار } إلاَّ ما هو عاقبته النَّار { ولا يكلمهم الله يوم القيامة } أَيْ: كلاماً يسرُّهم { ولا يزكيهم } ولا يُطهِّرهم من دنس ذنوبهم.

{ أولئك الذين اشتروا الضلالة } استبدلوها { بالهدى والعذاب بالمغفرة } حين جحدوا أمر محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وكتموا نعته { فما أصبرهم } أَيْ: فأيُّ شيءٍ صبَّرهم على النَّار، ودعاهم إليها حين تركوا الحقَّ واتبعوا الباطل؟! وهذا استفهامٌ معناه التَّوبيخ لهم. [وقيل: ما أجرأهم على النار!].

{ ذلك } أَيْ: ذلك العذاب لهم { بأنَّ الله نزل الكتاب بالحق } يعني: القرآن فاختلفوا فيه { وإنَّ الذين اختلفوا في الكتاب } فقالوا: إنَّه رَجَزٌ، وشِعرٌ، وكهانةٌ، وسحرٌ { لفي شقاق بعيد } لفي خلافٍ للحقِّ طويلٍ.

{ ليس البر.. } الآية. كان الرَّجل في ابتداء الإِسلام إذا شهد الشَّهادتين، وصلَّى إلى أَيٍّ ناحيةٍ كانت ثمَّ مات على ذلك وجبت له الجنَّة، فلمَّا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت الفرائض وصُرفت القِبلة إلى الكعبة أنزل الله تعالى هذه الآية، فقال: { ليس البر } كلَّه أن تُصلُّوا ولا تعملوا غير ذلك { ولكنَّ البرَّ } أَيْ: ذا البرِّ { مَنْ آمن بالله واليومِ الآخر والملائكة والكتاب والنَّبيين وآتى المال على حبه } أَيْ: على حبِّ المال. [وقيل: الضميرُ راجعٌ إلى الإِيتاء] { ذوي القربى } قيل: عنى به قرابة النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: أراد به قرابة الميت] { وابن السبيل } هو المنقطع يمرُّ بك، والضَّيف ينزل بك { وفي الرِّقاب } أَيْ: وفي ثمنها. يعني: المكاتبين { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا } اللَّهَ أو النَّاسَ { والصابرين في البأساء } الفقر { والضراء } المرض { وحين البأس } وقت القتال في سبيل الله { أولئك } أهل هذه الصفة هم { الذين صدقوا } في إيمانهم.