الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـٰهَكَ وَإِلَـٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـٰهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ } * { وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ } * { قُلْ أَتُحَآجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ }

{ أم كنتم شهداء } ترك الكلام الأوَّل، وعاد إلى مُخاطبة اليهود. المعنى: بل أكنتم شهداء، أَيْ: حضوراً { إذ حضر يعقوب الموت } وذلك أنَّ اليهود قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: ألستَ تعلم أنَّ يعقوب يوم مات ما أوصى بنيه باليهوديَّة؟ فأكذبهم الله تعالى، وقال: أكنتم حاضرين وصيته { إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي }.

{ تلك أمة } يعني: إبراهيم وبنيه، ويعقوب وبنيه { قد خلت } قد مضت { لها ما كسبت } من العمل { ولكم } يا معشر اليهود { ما كسبتم } أَيْ: حسابهم عليهم، وإنَّما تُسألون عن أعمالكم.

{ وقالوا كونوا هوداً أو نصارى } نزلت في يهود المدينة ونصارى نجران، قال كلُّ واحدٍ من الفريقين للمؤمنين: كونوا على ديننا فلا دين إلاَّ ذلك، فقال الله تعالى: { قل بل ملَّة إبراهيم حنيفاً } يعني: بل نتبع ملَّة إبراهيم حنيفاً مائلاً عن الأديان كلِّها إلى دين الإسلام، ثمَّ أمر المؤمنين أن يقولوا:

{ آمنا بالله وما أنزل إلينا } يعني: القرآن { وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط } وهم أولاد يعقوب، وكان فيهم أنبياء لذلك قال: وما أنزل إليهم. وقوله تعالى: { لا نفرِّق بين أحدٍ منهم } أَيْ: لا نكفر ببعضٍ ونؤمن ببعضٍ، كما فعلت اليهود والنَّصارى.

{ فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به } أَيْ: إِنْ أتوا بتصديقٍ مثلِ تصديقكم، وكان إيمانُهم كإيمانكم { فقد اهتدوا } فقد صاروا مسلمين { وإن تولوا } أعرضوا { فإنما هم في شقاق } في خلافٍ وعداوةٍ { فَسَيَكْفِيْكَهُمُ الله } ثمَّ فعل ذلك، فكفاه أمر اليهود بالقتل والسَّبي في قريظة، والجلاء والنَّفي في بني النَّضير، الجِزية والذَّلَّة في نصارى نجران.

{ صبغة الله } أَي: الزموا دين الله { ومَنْ أحسن من الله صبغة } أي: ومَنْ أحسنُ من الله ديناُ؟.

{ قل } يا محمَّدُ لليهود والنَّصارى: { أتحاجوننا في الله } أَتُخاصموننا في دين الله؟ وذلك أنَّهم قالوا: إنَّ ديننا هو الأقدم، وكتابنا هو الأسبق، ولو كنتَ نبيّاً لكنتَ منَّا { ولنا أعمالنا } نُجازى بحسنها وسيِّئها، وأنتم في أعمالكم على مثل سبيلنا { ونحن له مخلصون } مُوحِّدون.