{ وكذلك } وكما فعلنا بهم هذه الأشياء { بعثناهم } أيقظناهم من تلك النَّومة التي تشبه الموت { ليتساءلوا بينهم } ليكون بينهم تساؤلٌ عن مدَّة لبثهم { قال قائل منهم كم لبثتم } كم مرَّ علينا منذ دخلنا الكهف؟ { قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم } وذلك أنَّهم دخلوا الكهف غدوةً، وبعثهم الله في آخر النَّهار، لذلك قالوا: يوماً، فلمَّا رأوا الشمس قالوا: أو بعض يوم، وكان قد بقيت من النَّهار بقيةٌ، فقال تمليخا: { ربكم أعلم بما لبثتم } ردَّ علم ذلك إلى الله سبحانه { فابعثوا أحدكم بورقكم } بدراهمكم { هذه إلى المدينة فلينظر أيها } أَيُّ أهلها { أزكى طعاماً } أحلّ من جهةِ أنَّه ذبيحةُ مؤمن، أو من جهة أنَّه غير مغصوب، وقوله: { وليتلطف } في دخول المدينة وشراء الطَّعام حتى لا يَطَّلِع عليه أحدٌ { ولا يشعرنَّ بكم } ولا يخبرنَّ بكم ولا بمكانكم { أحداً }. { إنهم إن يظهروا عليكم } يطَّلعوا ويُشرفوا عليكم { يرجموكم } يقتلوكم { أو يعيدوكم في ملتهم } يردُّوكم إلى دينهم { ولن تفلحوا إذاً أبداً } لن تسعدوا في الدُّنيا ولا في الآخرة إن رجعتم إلى دينهم. { وكذلك } وكما بعثناهم وأنمناهم { أَعْثرنا } أطلعنا { عليهم ليعلموا } ليعلم القوم الذين كانوا في ذلك الوقت { أنَّ وعد الله } بالثَّواب والعقاب { حقٌّ وأنَّ الساعة } القيامة { لا ريب فيها } لا شكَّ فيها، وذلك أنَّهم يستدلُّون بقصَّتهم على صحَّة أمر البعث { إذ يتنازعون } أَي: اذكر يا محمد إذ يتنازع أهلُ ذلك الزَّمان أمرَ أصحاب الكهف { بينهم } وذلك أنَّهم كانوا يختلفون في مدَّة مكثهم وفي عددهم. وقيل: تنازعوا فقال المؤمنون: نبني عندهم مسجداً، وقال الكافرون: نُحوِّط عليهم حائطاً. يدلُّ على هذا قوله: { ابنوا عليهم بنياناً } استروهم عن النَّاس ببناءٍ حولهم، وقوله: { ربُّهم أعلم بهم } يدلُّ على أنَّه وقع تنازعٌ في عدَّتهم. { قال الذين غلبوا على أمرهم } وهم المؤمنون، وكانوا غالبين في ذلك الوقت. { لنتخذنَّ عليهم مسجداً } فذكر في القصَّة أنّه جعل على باب الكهف مسجد يصلَّى فيه.