{ ويوم نبعث في كلِّ أمَّة شهيداً } وهو يوم القيامة، يبعث الله في كلِّ أُمَّةٍ شهيداً { عليهم من أنفسهم } وهو نبيُّهم؛ لأنَّ كلَّ نبيٍّ بُعث من قومه، { وجئنا بك شهيداً على هٰؤلاء } على قومك، وتمَّ الكلام ها هنا، ثمَّ قال: { ونزلنا عليك الكتاب تبياناً } بياناً { لكلِّ شيء } ممَّا أُمر به ونُهي عنه. { إنَّ الله يأمر بالعدل } شهادة أن لا إله إلاَّ الله { والإِحسان } وأداء الفرائض، وقيل: بالعدل في الأفعال، والإِحسان في الأقوال { وإيتاء ذي القربى } صلة الرَّحم، فتؤتي ذا قرابتك من فضل ما رزقك الله. { وينهى عن الفحشاء } الزِّنا { والمنكر } الشِّرك { والبغي } الاستطالة على النَّاس بالظُّلم { يعظكم } ينهاكم عن هذا كلِّه، ويأمركم بما أمركم به في هذه الآية { لعلكم تذكرون } لكي تتَّعظوا. { وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم } يعني: كلَّ عهدٍ يحسن في الشريعة الوفاء به { ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها } لا تحنثوا فيها بعد ما وكَّدتموه بالعزم { وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً } بالوفاء حيث حلفتم، والواو للحال. { ولا تكونوا كالتي نقضت } أفسدت { غزلها } وهي امرأة حمقاء كانت تغزل طول يومها، ثمَّ تنقضه وتفسده { من بعد قوة } الغزل بإمراره وفتله { أنكاثاً } قطعاً، وتمَّ الكلام ها هنا، ثمَّ قال: { تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم } أَيْ: غشَّاً وخديعةً { أن تكون } بأن تكون [أو لأن تكون] { أمة هي أربى من أمة } أَيْ: قوم أغنى وأعلى من قوم، وذلك أنهم كانوا يحالفون قوماً فيجدون أكثر منهم وأعزَّّ، فينقضون حلف أولئك، ويحالفون هؤلاء الذين هم أعزُّ، فنُهوا عن ذلك. { إنما يبلوكم الله به } أَيْ: بما أمر ونهى { وليبينن لكم يومَ القيامة ما كنتم فيه تختلفون } في الدُّنيا، ثمَّ نهى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين عاهدوه على نصرة الإِسلام عن أيمان الخديعة.