{ الذين تتوفاهم الملائكة طيبين } طاهرين من الشِّرك. { هل ينظرون إلاَّ أن تأتيهم الملائكة } لقبض أرواحهم { أو يأتي أمر ربك } بالقتل، والمعنى: هل يكون مدَّة إقامتهم على الكفر إلاَّ مقدار حياتهم إلى أن يموتوا أو يُقتلوا { كذلك فعل الذين من قبلهم } وهو التَّكذيب، يعني: كفَّار الأمم الخالية { وما ظلمهم الله } بتعذيبهم { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } بإقامتهم على الشِّرك. { فأصابهم } هذا مؤخَّر في اللَّفظ، ومعناه التَّقديم، لأنَّ التَّقدير: كذلك فعل الذين من قبلهم فأصابهم، الآية، ثمَّ يقول: { وما ظلمهم الله... } الآية. ومعنى: أصابهم { سيئات ما عملوا } أَيْ: جزاؤها { وحاق } أحاط { بهم ما كانوا به يَسْتهزئون } من العذاب. { وقال الذين أشركوا } يعني: أهل مكَّة: { لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء } أَيْ: ما أشركنا، ولكنَّه شاءه لنا { ولا حرَّمنا من دونه من شيء } أَيْ: من السَّائبة والبحيرة، وإنَّما قالوا هذا استهزاءً. قال الله تعالى: { كذلك فعل الذين من قبلهم } أَيْ: من تكذيب الرُّسل، وتحريم ما أحلَّ الله { فهل على الرسل إلاَّ البلاغ المبين } أَيْ: ليس عليهم إلاَّ التَّبليغ، وقد بلَّغتَ يا محمَّدُ، وبلَّغوا، فأمَّا الهداية فهي إلى الله سبحانه وتعالى، وقد حقَّق هذا فيما بعد، وهو قوله: { ولقد بعثنا في كلِّ أمة رسولاً } كما بعثناك في هؤلاء { أن اعبدوا الله } بأن اعبدوا الله { واجتنبوا الطاغوت } الشيطان وكلَّ من يدعو إلى الضلاَّلة { فمنهم مَنْ هدى الله } أرشده { ومنهم مَنْ حقَّت } وجبت { عليه الضلالة } الكفر بالقضاء السابق { فسيروا في الأرض } معتبرين بآثار الأمم المكذِّبة، ثمَّ أكَّد أنَّ مَنْ حقَّت عليه الضَّلالة لا يهتدي، وهو قوله: { إن تحرص على هداهم } أَيْ: تطلبها بجهدك { فإنَّ الله لا يهدي مَنْ يضل } كقوله:{ من يُضللِ اللَّهُ فلا هادي له }