الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } * { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } * { يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } * { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } * { وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } * { قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ }

{ ألم تر كيف ضرب الله مثلاً } بيَّن شبهاً، ثمَّ فسَّره فقال: { كلمة طيبة } يريد: لا إله إلاَّ الله { كشجرة طيبة } يعني: النَّخلة { أصلها } أصل هذه الشَّجرة الطَّيِّبة { ثابت } في الأرض { وفرعها } أعلاها عالٍ { في السماء }.

{ تؤتي } هذه الشَّجرة { أكلها } ثمرها { كلَّ حين } كلَّ وقتٍ في جميع السَّنة، ستة أشهرٍ طلعٌ رخص، وستة أشهرٍ رطبٌ طيِّبٌ، فالانتفاع بالنَّخلة دائمٌ في جميع السَّنة. كذلك الإِيمان ثابتٌ في قلب المؤمن، وعمله، وقوله، وتسبيحه عالٍ مرتفع إلى السَّماء ارتفاع فروع النَّخلة، وما يكتسبه من بركة الإِيمان وثوابه كما ينال من ثمرة النَّخلة في أوقات السَّنة كُلِّها من الرُّطَب والبسر والتَّمر { ويضرب الله الأمثال للناس } يريد: أهل مكَّة { لعلَّهم يتذكرون } لكي يتَّعظوا.

{ ومثل كلمة خبيثة } يعني: الشِّرك بالله سبحانه { كـ } مثل { شجرة خبيثة } وهي الكشوث { اجتثت } انتزعت واستؤصلت، والكشوت كذلك { من فوق الأرض } لم يرسخ فيها، ولم يضرب فيها بعرق. { ما لها من قرار } مستقرٌّ في الأرض. يريد: إنَّ الشَّرك لا ينتفع به صاحبه وليس له حجَّةٌ ولا ثباتٌ كهذه الشَّجرة.

{ يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت } وهو قول لا إله إِلاَّ الله { في الحياة الدنيا } على الحقَّ { وفي الآخرة } يعني: في القبر يُلقِّنهم كلمة الحقِّ عند سؤال الملكين { ويضل الله الظالمين } لا يُلقِّن المشركين ذلك، حتى إذا سُئلوا في قبورهم قالوا: لا ندري { ويفعل الله ما يشاء } من تلقين المؤمنين الصَّواب وإضلال الكافرين.

{ ألم تر إلى الذين بدَّلوا نعمة الله كفراً } بدَّلوا ما أنعم الله سبحانه عليهم به من الإِيمان ببعث الرسول صلى الله عليه وسلم كفراً حيث كفروا به { وأحلوا قومهم } الذين اتَّبعوهم { دار البوار } الهلاك، ثمَّ فسَّرها فقال:

{ جهنم يصلونها وبئس القرار } أَي: المقرُّ.

{ وجعلوا لله أنداداً } يعني: الأصنام { ليضلوا عن سبيله } النَّاس عن دين الله { قل تمتعوا } بدنياكم { فإنَّ مصيركم إلى النار } وقوله:

{ لا بيع فيه } لا فداء فيه { ولا خلال } مخالة. يعني: يوم القيامة، وهو يوم لا بيعٌ فيه، ولا شراءٌ، ولا مُخالَّةٌ، ولا قرابةٌ، إنَّما هي أعمالٌ يُثاب بها قومٌ، ويعاقب عليها آخرون.