{ والذين آتيناهم الكتاب } يعني: مؤمني أهل الكتاب { يفرحون بما أنزل إليك } وذلك أنَّهم ساءهم قلَّة ذكر الرحمن في القرآن مع كثرة ذكره في التَّوراة، فلما أنزل الله تعالى:{ قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن } فرح بذلك مؤمنو أهل الكتاب، وكفر المشركون بالرَّحمن، وقالوا: ما نعرف الرَّحمن إلاَّ رحمان اليمامة، وذلك قوله: { ومن الأحزاب } يعني: الكفَّار الذين تحزَّبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم { مَنْ ينكر بعضه } يعني: ذكر الرَّحمن. { وكذٰلك } وكما أنزلنا الكتاب على الأنبياء بلسانهم { أنزلناه حُكْماً عربياً } يعني: القرآن؛ لأنَّه به يحكم ويفصل بين الحقِّ والباطل، وهو بلغة العرب { ولئن اتبعت أهواءهم } وذلك أنَّ المشركين دعوه إلى ملَّة آبائه، فتوعَّده الله سبحانه على ذلك بقوله: { ما لك من الله من ولي ولا واق }. { ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً } ينكحونهنَّ { وذرية } وأولاداً أنسلوهم، وذلك أنَّ اليهود عيَّرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثرة النِّساء، وقالوا: ما له همَّةٌ إلاَّ النِّساء والنِّكاح { وما كان لرسول أن يأتي بآية إلاَّ بإذن الله } أَيْ: بإطلاقه له الآية، وهذا جوابٌ للذين سألوه أن يوسِّع لهم مكَّة. { لكل أجل كتاب } لكلِّ أجلٍ قدَّره الله، ولكلِّ أمرٍ قضاه كتابٌ أثبت فيه، فلا تكون آيةٌ إلاَّ بأجلٍ قد قضاه الله تعالى في كتابٍ. { يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أمُّ الكتاب } اللَّوح المحفوظ، يمحو منه ما يشاء ويثبت ما يشاء، وظاهر هذه الآية على العموم، وقال قوم: إلاَّ السَّعادة والشَّقاوة، والموت والرِّزق، والخَلق والخُلق.