{ واسأل القرية التي كنَّا فيها } أَيْ: أهل مصر { والعير التي أقبلنا فيها } يريد: أهل الرُّفقة، فلمَّا رجعوا إلى أبيهم يعقوب عليه السَّلام قالوا له هذا، فقال: { بل سوَّلت لكم أنفسكم أمراً } زيَّنته لكم حتى أخرجتم بنيامين من عندي رجاء منفعة، فعاد من ذلك شرٌّ وضررٌ. { وتولى عنهم } أعرض عن بنيه، وتجدَّد وَجْدُه بيوسف { وقال: يا أسفى على يوسف } يا طول حزني عليه { وابيضت عيناه } انقلبت إلى حال البياض، فلم يبصر بهما { من الحزن } من البكاء { فهو كظيم } مغمومٌ مكروبٌ لا يُظهر حزنه بجزعٍ أو شكوى. { قالوا تالله تفتأ } لا تزال { تذكر يوسف } لا تَفْتُر من ذكره { حتى تكون حرضاً } فاسداً دنفاً { أو تكون من الهالكين } الميِّتين. والمعنى: لا تزال تذكره بالحزن والبكاء عليه حتى تصير بذلك إلى مرض لا تنتفع بنفسك معه، أو تموت بغمِّه، فلمَّا أغلظوا له في القول. { قال إنما أشكو بثِّي } ما بي من البثِّ، وهو الهمُّ الذي تفضي به إلى صاحبك { وحزني إلى الله } لا إليكم { وأعلم من الله ما لا تعلمون } وهو أنَّه علم أنَّ يوسف حيٌّ، أخبره بذلك مَلَكُ الموت، وقال له: اطلبه من هاهنا، وأشار له إلى ناحية مصر.