{ ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم } وذلك أنَّهم دخلوا مصر متفرِّقين من أربعة أبواب { ما كان يغني عنهم من الله من شيء } ما كان ذلك ليردَّ قضاءً قضاه الله سبحانه { إلاَّ حاجةً } لكن حاجةً. يعني: إنَّ ذلك الدّخول قضى حاجةً في نفس يعقوب عليه السَّلام، وهي إرادته أن يكون دخولهم من أبوابٍ متفرِّقةٍ شفقةً عليهم { وإنه لذو علم لما علمناه } لذو يقينٍ ومعرفةٍ بالله سبحانه { ولكن أكثر الناس لا يعلمون } أنَّ يعقوب عليه السَّلام بهذه الصِّفة. { ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه } ضمَّه إليه وأنزله عند نفسه { قال إني أنا أخوك } اعترف له بالنِّسب، وقال: لا تخبرهم بما ألقيت إليك { فلا تبتئس } فلا تحزن ولا تغتم { بما كانوا يعملون } من الحسد لنا، وصرف وجه أبينا عنا. { فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية } وهو إناءٌ من ذهبٍ مرصَّعٌ بالجواهر { في رحل أخيه } بنيامين { ثمَّ أذَّنَ مؤذنٌ } نادى منادٍ { أيتها العير } الرُّفقة { إنكم لسارقون }. { قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون }؟ { قالوا نفقد صواع الملك } يعني: السِّقاية { ولمن جاء به حمل بعير } أَيْ: من الطَّعام { وأنا به زعيم } كفيل. { قالوا تالله لقد علمتم } حلفوا على أنَّهم يعلمون صلاحهم وتجنُّبهم الفساد، وذلك أنَّهم كانوا معروفين بأنَّهم لا يظلمون أحداً، ولا يرزأون شيئاً لأحد. { قالوا فما جزاؤه } أَيْ: ما جزاء السَّارق { إن كنتم كاذبين } في قولكم: ما كنا سارقين.