الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ } * { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } * { وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } * { قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } * { قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } * { قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوۤاْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلْلَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ٱمْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَآ أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ ٱلصُّبْحُ أَلَيْسَ ٱلصُّبْحُ بِقَرِيبٍ } * { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ } * { مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ }

{ يا إبراهيم أعرض عن هذا } الجدال، وخرجوا من عنده فأتوا قرية قوم لوطٍ، وذلك قوله:

{ ولما جاءت رسلنا لوطاً سِيءَ بهم } حزن بمجيئهم؛ لأنَّه رآهم في أحسن صورةٍ، فخاف عليهم قومه، وعلم أنَّه يحتاج إلى المدافعة عنهم، وكانوا قد أتوه في صورة الأضياف { وضاق بهم ذرعاً } أَيْ: صدراً { وقال هذا يوم عصيب } شديدٌ. ولمَّا علم قومه بمجيء قومٍ حسانِ الوجوه أضيافاً للوط قصدوا داره، وذلك، قوله:

{ وجاء قومه يهرعون إليه } أَيْ: يُسرعون إليه { ومن قبل } أَيْ: ومِنْ قبل مجيئهم إلى لوطٍ { كانوا يعملون السيئات } يعني: فعلهم المنكر { قال يا قومِ هٰؤلاء بناتي } أُزوِّجكموهنَّ فـ { هنَّ أَطْهَرُ لكم } من نكاح الرِّجال. أراد أن يقي أضيافه ببناته { فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي } لا تفضحوني فيهم؛ لأنَّهم إذا هجموا إلى أضيافه بالمكروه لحقته الفضيحة { أليس منكم رجل رشيد } يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

{ قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق } لَسْنَ لنا بأزواجٍ فنستحقهنَّ { وإنك لتعلم ما نريد } أَيْ: إنَّا نريد الرِّجال لا النِّساء.

{ قال لو أنَّ لي بكم قوَّة } لو أنَّ معي جماعةً أقوى بها عليكم { أو آوي } أنضمُّ { إلى ركن شديد } عشيرةٍ تمنعني وتنصرني لَحُلْتُ بينكم وبين المعصية، فلمَّا رأت الملائكة ذلك،

{ قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك } بسوءٍ فإنَّا نحولُ بينهم وبين ذلك { فأسرِ بأهلك بقطع الليل } في ظلمة اللَّيل { ولا يلتفت منكم أحد } لا ينظر أحدٌ إلى ورائه إذا خرج من قريته { إلاَّ امرأتك } فلا تسرِ بها، وخلِّفها مع قومها؛ فإنَّ هواها إليهم و { إنَّه مصيبها ما أصابهم } من العذاب { إنَّ موعدهم الصبح } للعذاب، فقال لوط: أريد أعجلَ من ذلك، بل السَّاعةَ يا جبريل، فقالوا له: { أليس الصبح بقريب }.

{ فلما جاء أمرنا } عذابنا { جعلنا عاليها سافلها } وذلك أنَّ جبريل عليه السَّلام أدخل جناحه تحتها حتى قلعها، وصعد بها إلى السَّماء، ثمَّ قلبها إلى الأرض { وأمطرنا عليها حجارة } قبلَ قلبها إلى الأرض { من سجيل } من طينٍ مطبوخٍ، طُبخ حتى صار كالآجر، فهو سنك كل بالفارسية، فَعُرِّب، { منضود } يتلو بعضه بعضاً.

{ مسوَّمة } مُعلَّمةً بعلامةٍ تُعرف بها أنَّها ليست من حجارة أهل الدُّنيا { عند ربك } في خزائنه التي لا يُتصرَّف في شيءٍ منها إلاَّ بإرادته { وما هي من الظالمين ببعيد } يعني: كفَّار قريش، يُرهبهم بها.