الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } * { وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } * { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاۤ إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ } * { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَٱسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَٱسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ } * { قَالُواْ يٰصَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـٰذَا أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } * { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ }

{ ما من دابة إلاَّ هو آخذٌ بناصيتها } أَيْ: هي في قبضته، وتنالها بما شاء قدرته { إنَّ ربي على صراط مستقيم } أَيْ: إنَّ الذي بعثني الله به دينٌ مستقيمٌ.

{ فإن تولوا } تتولَّوا، بمعنى: تُعرضوا عمَّا دعوتكم إليه من الإِيمان { فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم } فقد ثبتت الحُجَّة عليكم بإبلاغي { ويستخلف ربي قوماً غيركم } أَيْ: ويخلف بعدكم مَنْ هو أطوعُ له منكم { ولا تضرونه } بإعراضكم { شيئاً } إنَّما تضرُّون أنفسكم { إنَّ ربي على كل شيء } من أعمال العباد { حفيظ } حتى يجازيهم عليها.

{ ولما جاء أمرنا } بهلاك عادٍ { نجينا هوداً والذين آمنوا معه برحمةٍ منا } حيث هديناهم إلى الإِيمان، وعصمناهم من الكفر { ونجيناهم من عذاب غليظ } يعني: ما عُذِّب به الذين كفروا.

{ وتلك عاد } يعني: القبيلة { جحدوا بآيات ربهم } كذَّبوها فلم يُقِرّوا بها { وعصوا رسله } يعني: هوداً عليه السَّلام؛ لأنَّ مَنْ كذَّب رسولاً واحداً فقد كفر بجميع الرُّسل { واتبعوا أمر كل جبار عنيد } واتَّبع السَّفلةُ الرُّؤساءَ. والعنيد: المعارضُ لك بالخلاف.

{ وأُتْبِِعُوا في هذه الدنيا لعنةً } أُردفوا لعنةً تلحقهم وتنصرف معهم { ويوم القيامة } أَيْ: وفي يوم القيامة، كما قال:لعنوا في الدنيا والآخرة } { ألاَ إنَّ عاداً كفروا ربهم } قيل: بربِّهم. وقيل: كفروا نعمة ربِّهم { ألا بعداً لعاد } يريد: بعدوا من رحمة الله تعالى، وقوله:

{ وهو أنشأكم } أَيْ: خلقكم { من الأرض } من آدم، وآدم خُلق من تراب الأرض { واستعمركم فيها } جعلكم عمَّاراً لها.

{ قالوا يا صالح قد كنتَ فينا مَرْجُوّاً قبل هذا } وذلك أنَّ صالحاً عليه السَّلام كان يعدل عن دينهم، ويشنأ أصنامهم، وكانوا يرجون رجوعه إلى دين عشيرته، فلمَّا أظهر دعاءهم إلى الله تعالى زعموا أنَّ رجاءهم انقطع منه، وقوله { مريب } موقعٍ في الرِّيبة.

{ قال يا قوم أرأيتم... } الآية. يقول: أعلمتم مَنْ ينصرني من الله، أَيْ: مَنْ يمنعني من عذاب الله إن عصيته بعد بيِّنةٍ من ربِّي ونعمةٍ { فما تزيدونني غير تخسير } أَيْ: ما تزيدونني باحتجاجكم بعبادة آبائكم الأصنام، [وقولكم]: { أتنهانا أن نعبدَ ما يعبدُ آباؤُنا } إلاَّ بنسبتي إيَّاكم إلى الخسارة، أَيْ: كلَّما اعتذرتم بشيءٍ زادكم تخسيراً. وقيل: معنى الآية: ما تزيدونني غير تخسيرٍ [لي] إن كنتم أنصاري، ومعنى التَّخسير: التَّضليل والإِبعاد من الخير.