الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } * { وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } * { وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ } * { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ } * { وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَٱلْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يٰبُنَيَّ ٱرْكَبَ مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ } * { وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }

{ فلا تبتئس } أَيْ: لا تحزن ولا تغتم.

{ واصنع الفلك بأعيننا } بمرأى منا، وتأويله: بحفظنا إيَّاك حفظ مَنْ يراك، ويملك دفع السُّوء عنك { ووحينا } وذلك أنَّه لم يعلم صنعة الفلك حتى أوحى الله إليه كيف يصنعها { ولا تخاطبني } لا تراجعني ولا تحاورني { في الذين ظلموا } في إمهالهم وتأخير العذاب عنهم، وقوله:

{ إن تسخروا منا } أَيْ: لما يرون من صنعه الفلك { فإنا نسخر منكم } ونعجب من غفلتكم عمَّا قد أظلَّكم من العذاب.

{ فسوف تعلمون مَنْ يأتيه عذابٌ يخزيه } أَيْ: فسوف تعلمون مَنْ أخسر عاقبةً.

{ حتى إذا جاء أمرنا } بعذابهم وهلاكهم { وفار التنور } بالماء، يعني: تنُّور الخابز، وكان ذلك علامةً لنوح عليه السَّلام، فركب السَّفينة { قلنا احمل فيها } في الفلك { من كلّ زوجين } من كلِّ شيءٍ له زوج { اثنين } ذكراً وأنثى { وأهلك } واحمل أهلك يعني: ولده وعياله { إلاَّ مَنْ سبق عليه القول } يعني: مَنْ كان في علم الله أنَّه يغرق بكفره، وهو امرأته واغلة، وابنه كنعان، { ومَنْ آمن } واحمل مَنْ صدَّقك { وما آمن معه إلاَّ قليل } ثمانون إنساناً.

{ وقال } نوحٌ لقومه الذين أُمر بحملهم: { اركبوا } يعني: الماء { فيها } في الفلك { بسم الله مجريٰها ومرساها } يريد: تجري باسم الله، وترسي باسم الله، فكان إذا أراد أن تجري السفينة قال: بسم الله، فجرت، وإذا أراد أن ترسي قال: بسم الله، فَرَسَتْ، أَيْ: ثبتت { إن ربي لغفور } لأصحاب السَّفينة { رحيم } بهم.

{ وهي تجري بهم في موج } جمع موجةٍ، وهي ما يرتفع من الماء { كالجبال } في العِظَم { ونادى نوح ابنه } كنعان، وكان كافراً { وكان في معزل } من السَّفينة، أَيْ: في ناحيةٍ بعيدة عنها.

{ قال سآوي إلى جبل } أنضمُّ إلى جبلٍ { يعصمني } يمنعني { من الماء } فلا أغرق، { قال } نوح: { لا عاصم اليوم من أمر الله } لا مانع اليوم من عذاب الله { إلاَّ مَنْ رحم } لكن مَنْ رحم الله فإنَّه معصوم { وحال بينهما } بين ابن نوحٍ وبين الجبل { الموج } ما ارتفع من الماء.

{ وقيل يا أرض ابلعي ماءك } اشربي ماءك { ويا سماء أقلعي } أمسكي عن إنزال الماء { وغيض الماء } نقص { وقضي الأمر } أُهلك قوم نوحٍ، وفُرِغ من ذلك { واستوت } السَّفينة { على الجودي } وهو جبل بالجزيرة { وقيل: بعداً } من رحمة الله { للقوم الظالمين } المتَّخذين من دون الله آلهاً.