الرئيسية - التفاسير


* تفسير الوجيز/ الواحدي (ت 468 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } * { فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ } * { هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } * { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ }

{ والذين كسبوا السيئات } عملوا الشِّرك { جزاء سيئة } أَيْ: فهلم جزاء سيئةٍ { بمثلها وترهقهم ذلة } يُصيبهم ذلٌّ وخزيٌ وهوانٌ { ما لهم من الله } من عذاب الله { من عاصم } من مانعٍ يمنعهم { كأنما أغشيت } أُلبست { وجوههم قطعاً } طائفةً { من الليل } وهو مظلم.

{ ويوم نحشرهم جميعاً } نجمعهم جميعاً: الكفَّارَ وآلهتَهم { ثمَّ نقول للذين أشركوا مكانكم } قفوا والزموا مكانكم { أنتم وشركاؤكم فزيلنا } فرَّقنا وميَّزنا { بينهم } بين المشركين وبين شركائهم، وانقطع ما كان بينهم من التَّواصل في الدُّنيا { وقال شركاؤهم } وهي الأوثان: { ما كنتم إيانا تعبدون } أنكروا عبادتهم، وقالوا: ما كنَّا نشعر بأنَّكم إيَّانا تعبدون، والله يُنطقها بهذا.

{ فكفى بالله شهيداً... } الآية. هذا من كلام الشُّركاء. قالوا: شهد الله على علمه فينا، ما { كنا عن عبادتكم } إلاَّ غافلين؛ لأنَّا كنَّا جماداً لم يكن فينا روحٌ.

{ هنالك } في ذلك الوقت { تبلو } تختبر { كلُّ نفس ما أسلفت } جزاء ما قدَّمَتْ من خيرٍ أو شرٍّ { ورُدُّوا إلى الله مولاهم الحق } أَي: الذي يملك تولِّي أمرهم ويجازيهم بالحقِّ { وضلَّ عنهم } زال وبطل { ما كانوا يفترون } في الدُّنيا من التَّكذيب.

{ قل مَنْ يرزقكم من السماء والأرض } مَنْ يُنزِّل من السَّماء المطر، ويُخرج النَّبات من الأرض؟ { أم مَنْ يملك السمع والأبصار } مَنْ جعلها وخلقها لكم؟ على معنى: مَنْ يملك خلقها { ومن يخرج الحيَّ من الميت } المؤمن من الكافر، والنَّبات من الأرض، والإِنسان من النُّطفة، وعلى الضدِّ من ذلك { يخرج الميِّتَ من الحيِّ ومَنْ يدبر } أمر الدُّنيا والآخرة { فسيقولون الله } أَي: الله الذي يفعل هذه الأشياء، فإذا أقرُّوا بعد الاحتجاج عليهم { فقل أفلا تتقون } أفلا تخافون الله، فلا تشركوا به شيئاً.

{ فذٰلكم الله ربكم الحق } أَي: الذي هذا كلُّه فِعْلُه هو الحقُّ، ليس هؤلاء الذين جعلتم معه شركاء { فماذا بعد الحق } بعد عبادة الله { إلاَّ الضلال } يعني: عبادة الشَّيطان { فأنى تصرفون } يريد: كيف تُصرف عقولكم إلى عبادة ما لا يرزق ولا يحيي ولا يميت.

{ كذلك } هكذا { حقت } صدَّقت { كلمت ربك } بالشَّقاوة والخذلان { على الذين فسقوا } تمرَّدوا في الكفر { أنَّهم لا يؤمنون }.