الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم / تفسير الكازروني (ت 923هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { فَلَمَّآ آتَاهُمْ مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } * { أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } * { ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }

{ وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ }: هو ثعلبة بن حاطب، { لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ }: نتصدقن، { وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ * فَلَمَّآ آتَاهُمْ مِّن فَضْلِهِ }: بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- بحيث ضَاقَتْ بغنمهم المدينة، { بَخِلُواْ بِهِ }: بمنع الزكاة، { وَتَوَلَّواْ }: عن الطاعة، { وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ }: جعل عاقبتهم، { نِفَاقاً }: متمكِّناً، { فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ }: تعالى بالموت، { بِمَآ أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ }: من التصدق والصَّلاح، { وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ }: ثم بعد نزولها جاء بزكاته إليه -صلى الله عليه وسلم- فلم يقبل منه ثم إلى أبي بكر وعمر فلم يقبلا، ومات في زمن عثمان رضي الله عنه، { أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ }: من النِّفاق { وَنَجْوَاهُمْ }: ما يتناجون به من الطعن في الدين، { وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ * ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ }: يعيبون، { ٱلْمُطَّوِّعِينَ }: المتنفلين، { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ }: يقولون في من أكثر منها: هو مُرَاءٍ كابن عوف، وفيمن أقل منها لفقره: هو يذكر بنفسه ليعطوه { وَ }: يلمزون، { الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ }: طاقتهم كأبي عقيل الأنصاري جاء بصاع تمرٍ { فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ }: جازاهم على سخريتهم، { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }: ونزلت في أُبيّ إذ مات: { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ }: فيما سيان في عدم النفع، { إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً }: أي: كثيراً من سبَّع إذا كثر. *تنبيه: شَاع استعمال السبعة، والسبعين، والسبعمائة ونحوها في الكثير، لاشتمال السبعة على أكثر أقسام العدد كالزوج والفرد، والأول أي: ما لا بعده إلا الواحد والمركب، أي: ما بعد غيره، والفرد الأول كالثلاثة، والفرد المركب كالخمسة، والزوج الأول والمركب والمجذور وَحاصل المضروب في نفسه والجذر المضروب في الأصم بمعنى غير المجذور مثله كالسة، وبمعنى الأول أيضاً، والمنطق بمعنى مقابلهما كالأربعة، قيل: والزائد ما زادت أجزاؤه عليه لاشتمالها على الثلاثة والأربعة الحاصل من ضربهما اثنا عشر ثم السبعين غاية الغاية، إذ الآحاد غايتها العشرات فكأَنَّ المعنى: لَا تستَغْفِرْ لَهمْ أبداً، { فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ ذٰلِكَ }: التأييس، { بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ }: لا ببخل منا أو قصور فيك، { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }: المتمردين بكفرهم إلى النجاة، قيل: لمَّا نزلت حمله صلى الله عليه وسلم على العدد فقال: " رَخّصَ لي ربي فسأزيد على السبعين " فنزلت:سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ } [المنافقون: 6].. إلى آخره، فنسخت بها. *تنبيه: اعلم أن جعله من باب أسلوب الحكيم، والمغالطة كقول القَبعثري: مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب، في جواب: لأحملنك على الأدهم، لا يخلو من سوء أدب لأنه للتنبيه على أن هذا المعنى هو الأولى بالقصد، وهذا مما تأباه آداب الأنبياء معه تعالى، على أن الحديث يأباه. فإن قيل: كيف خفي عليه وهو أفصح الفصحاء؟ أجيب بأنها دلت على عدم المغفرة لا ترك الاستغفار واستغفاره وإن لم يترتب عليه مغفرتهم يترتب عليه مصلحة أخرى، وهو إظهار غاية رحمته بمن بعث إليهم، وحثنا على التراحم، وقوله: " لو رَخّصَ لي ربي فسأزيد على السبعين إن لم أُنْهَ " والله أعلم.