الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم / تفسير الكازروني (ت 923هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱلْحَاقَّةُ } * { مَا ٱلْحَآقَّةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ } * { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } * { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } * { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } * { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } * { وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ } * { فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً } * { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ } * { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } * { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } * { وَحُمِلَتِ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً } * { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } * { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } * { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } * { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ } * { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } * { إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } * { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } * { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ } * { وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ } * { يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ } * { مَآ أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ } * { هَّلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ } * { خُذُوهُ فَغُلُّوهُ } * { ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ } * { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ } * { إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } * { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ } * { وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ } * { لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ } * { وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } * { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } * { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } * { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } * { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } * { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } * { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } * { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

لَمَّا قال: إنه عظة للعالمين ذكَّرُهم بما في القايمة من الأهوال، وبما حل على الكفرة من الوبال فقال: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ } القيامة { ٱلْحَاقَّةُ } الثابت وقوعها، ووقوع ما فيها من البعث وغيره { مَا ٱلْحَآقَّةُ }: استفهام تعظيم { وَمَآ }: أيُّ شيءٍ { أَدْرَاكَ }: أعلمك { مَا ٱلْحَاقَّةُ }: أي: لا تعلمها لعظمتها وآثرها على الضمير لأنه أهون، وكذا في قوله: ما القارعة { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ }: القيامة القارعة للقلوب تهويلا { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ }: بطغيانهم أو بالصيحة المتجاوزة عن الحد شدةً { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ }: شديد البرد أو الصوت { عَاتِيَةٍ }: شديدة { سَخَّرَهَا }: سلطها الله عز وجل { عَلَيْهِمْ } يعني: لا لنظر النجوم كما زعمه المنجمون { سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ }: من آخر شوال من صبح الأربعاء إلى غروب أربعاء في أيام العجوز في شهر " آذار " { حُسُوماً }: متتابعة [بَعْدَ] هبوب أو قاطعات أو نحسبات { فَتَرَى }: لو كنت حاضرا { ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ }: موتى، جمع صريع { كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ }: أصول { نَخْلٍ خَاوِيَةٍ }: ساقطة { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن }: نفس { بَاقِيَةٍ }: أو بقاء { وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ }: من الكفار { وَ } أهل القرى { ٱلْمُؤْتَفِكَاتُ }: المتقلبات بأهلها: أي: قوم لوط { بِالْخَاطِئَةِ }: أي: الخطيئة { فَعَصَوْاْ }: كل منهم { رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً }: زائدة في الشدة { إِنَّا لَمَّا طَغَا }: تجاوز { ٱلْمَآءُ }: بحيث علا على أعلى الجبال خمسة عشر ذراعا { حَمَلْنَاكُمْ }: يحمل آبائكم { فِي ٱلْجَارِيَةِ }: السفيينة لنوح { لِنَجْعَلَهَا }: أي: تلك الفعلة { لَكُمْ تَذْكِرَةً }: عظة { وَتَعِيَهَآ }: تحفظها { أُذُنٌ وَاعِيَةٌ }: حافظة لما تسمع { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ }: الأولى، وقيل: الثانية، ومعنى واحدة، أي: لا تثنى { وَحُمِلَتِ }: رفعت { ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ }: عن أماكنها بالريح أو الملائكة أو محض القدرة { فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً }: فيصِير الكُلّ هباء منبسطا بلا عوج لا أمت { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ }: قامت { ٱلْوَاقِعَةُ }: القيامة { وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ }: لنزول الملائكة { فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ }: كصوف لا يستمسك { وَٱلْمَلَكُ }: جنهسم { عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ }: جوانبها لخراب مكانهم، ولعل هلاكهم بأثر ذلك، أوهم داخلون في الاستثناء { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ }: فوق الملائكة { يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ }: من الملائكة " بين شحمة أذنهم إلى عاتقهم يخفق الطير سبعمائة عام " ، والآن يحمله أربعة أو ثمانية أصناف لا يعلم عددهم إلا الله تعالى { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ }: للحساب { لاَ تَخْفَىٰ }: على الله { مِنكُمْ خَافِيَةٌ }: فالعرض للعدل وإفشاء الحال، وهذا يعد النفخة الثانية، ولا تساع معنى اليوم للنفختين وغيرهما، جعله ظرفا للكل { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ }: قال ابن عباس: أولهم عمر بن الخطاب، وله شعاع كشعاع الشمس، وحينئذ أبو بكر في الجنة، وقد زفته الملائكة إليها { فَيَقُولُ هَآؤُمُ }: أي: خذوا كتابي { ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ }: الهاء للسكت { إِنِّي ظَنَنتُ } تيقنت { أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ }: ذات رضا { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا }: ثمارها { دَانِيَةٌ }: قريبة يجتنبها المضطجع، يقال لهم: { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ }: أكلا وشربا { هَنِيئَاً } كما مر { بِمَآ أَسْلَفْتُمْ } قدمتم { فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ }: الماضية { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يٰلَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يٰلَيْتَهَا }: أي: موتة الدنيا { كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ }: القاطعة لحياتي، فلا أبعث بعدها { مَآ أَغْنَىٰ }: دفع { عَنِّي مَالِيَهْ * هَّلَكَ }: ضل { عَنِّي سُلْطَانِيَهْ }: قوتي أو حجتي، فيقول الله تعالى: { خُذُوهُ }: فيبتدروه سبعون ألف ملك { فَغُلُّوهُ }: أجمعوا يديه إلى عنقه بالغل { ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ }: أدخلوه { ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً }: الله تعالى أعلم بذراعه، فإنها أطول مما بين السماء والأرض { فَاسْلُكُوهُ }: أدخلوه، فيدخل في ستة ويخرج من فيه { إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ ٱلْعَظِيمِ * وَلاَ يَحُضُّ }: يحث { عَلَىٰ } بذلك { طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ }: فيكف بتاركه، خَصَّ أقبح الخصائل وأشنع الرذائل بالذكر { فَلَيْسَ لَهُ ٱلْيَوْمَ هَا هُنَا حَمِيمٌ }: صديق يحميه { وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ }: قيح يسيل من جروحهم، ولأهل النار دركات منهم من يُطْعم ضريعا، ومنهم من يطعمُ زقوما { لاَّ يَأْكُلُهُ إِلاَّ ٱلْخَاطِئُونَ }: بالشرك { فَلاَ }: صلة { أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ }: شمل الخلائق وجميع المخلوق { إِنَّهُ }: القرآن { لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ }: يبلغه من الله محمد أو جبريل { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا }: صلة { تُؤْمِنُونَ }: تصدقون لعنادكم { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }: ولذا التبس عليكم، خصه بالذكر لأن منافاته لطريقفة الكهنة تحتاج إلى تذكر أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ومعاند القرآن، وأما منافاته لللشعر فظاهر منكره معاند، هو { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ }: افترى النبي { عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ }: لأخذناه بالقوة أو بيمنيه { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ }: أي: مناط قلبه بضرب عنقه، صور إهلاكه بأفطع القتل، إذ القاتل بيمين يضرب عنقه من قدامه، وبيساره من يضرب من قفاه، ولأول أشد { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ }: عن قتله، أو المقتول { حَاجِزِينَ }: دافعين، جمعه لعموم موصوفه { وَإِنَّهُ }: القرآن { لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ }: لأنهم المنتفعون به { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ }: له فيجازيهم { وَإِنَّهُ }: القُرآنُ { لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ }: إذا رأوا ثواب مصدقية { وَإِنَّهُ لَحَقُّ }: أي: للمتقين، حق { ٱلْيَقِينِ }: عينه ومحضه { فَسَبِّحْ }: نزه مستعيناً { بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }: شكرا لهذه النعماء، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمأب.