الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم / تفسير الكازروني (ت 923هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ قَالُواْ نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } * { ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } * { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } * { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } * { هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ } * { يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ مِنْهَا ٱلأَذَلَّ وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } * { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

لَمَّا كانَ الانفضاض أوَّلاً من المنافقين، ثم تبعهم بعض المؤمنين، بيَّنَ لهم حقيقة حالهم لئلا يوافقهم في أفعالهم فقال: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُنَافِقُونَ }: سئل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه عن المنافق فقال: هو الذي يصف الإسلام ولا يعمل به، والمراد هنا: ابن أبي وأصحابه { قَالُواْ }: بلا اعتقاد { نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ }: لأن الشهادة أخبار عن شهود واطلاع فكذبهم في تسميتهم شهادة، وأما " شهادة الزور " فيجوز، وأفاد أنَّ الإيمان تصديق بالقلب، والكلام الحقيقيُّ كلام القلب، ومن قال خلال معتقده فكاذبٌ { ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ }: الكاذبة { جُنَّةً }: سترةً { فَصَدُّواْ }: أعرضوا أو منعوا { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ }: المذكور من قبائحهم { بِأَنَّهُمْ آمَنُواْ }: بلسانهم { ثُمَّ كَفَرُوا }: استمروا على كفرهم باطنا { فَطُبِعَ }: ختم { عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ }: فاستحكموا في الكفر { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ }: الإيمان { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ } لحسن ظاهرها { وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ } لفصاحتهم، حال كونهم { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ } أخشاب { مُّسَنَّدَةٌ } في عدم نفعهم، إذ المنتفع به لا يكون إلا في نحو سَقف، أو جمع خشبة: أخشبة تآكَلَ جوفها، فالتشبيه في قبح باطنهم وخلوهم عن الإيمان { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ } من إنشاد ضالة وغيره، واقعة { عَلَيْهِمْ } لجبنهم واتهامهم، { هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ } لاتأمنهم { قَاتَلَهُمُ } لعنهم { ٱللَّهُ } علمنا الدعاء عليهم { أَنَّى } كيف { يُؤْفَكُونَ } يصرفون عن الحق { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ } معتذرين { يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوْاْ } أمالوا أو حركوا استهزاء { رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ } يعرضون عنه { وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } عنه { سَوَآءٌ } مستو { عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ } أي: استغفارك { لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ } أي: عدم استغفارك { لَهُمْ لَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ } لشوقتهم الأزلية { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَـٰسِقِينَ } في علمه { هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } للأنصار { لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ } يتفرقوا عنه { وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } فهو رازقهم { وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ * يَقُولُونَ } للمهاجرين { لَئِن رَّجَعْنَآ }: عن غزوة بني المصطلق { إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ ٱلأَعَزُّ }: عنوا أنفسهم لعنهم الله تعالى { مِنْهَا ٱلأَذَلَّ }: عنوا الصحابة رضي الله عنهم { وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ }: الغلبة { وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }: لأنه أعزهم { وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ }: أتى بالفقه أولا، وبالعلم ثانيا ليفيد عدم كياستهم وفهمهم بالأول وحماقتهم بالثاني { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ }: لا تشغلكم { أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ }: أي: اللهو بهما { عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ }: أي: طاعاته كالمنافقين { وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ }: اللهو { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُواْ مِن }: بعض { مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنِيۤ } أمهلتني { إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ }: بأتصدق { وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ }: قال ابن عباس رضي الله عنهما: كلُّ مَن قصَّر في الحجم الزكاة فكذلك عند الموت { وَلَن يُؤَخِّرَ ٱللَّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ }: المقدر { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }: فيجازيكم - واللهُ أعْلَمُ.