الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم / تفسير الكازروني (ت 923هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ } * { إِذْ يَتَلَقَّى ٱلْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ } * { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } * { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } * { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْوَعِيدِ } * { وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَآئِقٌ وَشَهِيدٌ } * { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ } * { وَقَالَ قَرِينُهُ هَـٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } * { أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ } * { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ } * { قَالَ قرِينُهُ رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } * { قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } * { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } * { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } * { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } * { مَّنْ خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } * { ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلُخُلُودِ } * { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ }: الباء صلة { نَفْسُهُ }: أي: ما تحدثونه على سبيل الوسوسة { وَنَحْنُ }: بعلمنا { أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ }: المخالط لأجزائه وهو عرقٌ في العنق، وقيل غير ذلك، وهو لغةً: أعمُّ من الشرايين النابتة من القلب والأوردة النابتة من الكبد، وهذا مثل في نهاية القرب { إِذْ يَتَلَقَّى }: يأخذ ويثبت الملكان { ٱلْمُتَلَقِّيَانِ }: ما يلفظه { عَنِ ٱلْيَمِينِ }: قعيد { وَعَنِ ٱلشِّمَالِ قَعِيدٌ }: أفاد بقربه علما غناه عن استحفاظهما فحكمته تشديد تَثبيطِنا عن المعصية ونحو ذلك { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ }: حتى أنينه فر مرضه { إِلاَّ لَدَيْهِ }: ملك { رَقِيبٌ }: يرقبه { عَتِيدٌ }: حاضره واعلم أن صاحب الشِّمال كاتب المباح فتنبه، وفي الحديث: " إنَّ كاتب الحسنات أمين على كاتب السَّيئات، فإذا عمل حنسةً كتبها ملك اليمين عشرا، وإذا عمل سيئة قال لصاحبه: دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر " ، { وَجَاءَتْ سَكْرَةُ }: شدة { الْمَوْتِ بِالْحَقِّ }: الذي أنكرتموه من أمور الآخر فالباء للتعدية، وأتى بالماضي لقربها { ذَلِكَ }: الموت { مَا كُنتَ }: يا إنسان { مِنْهُ تَحِيدُ }: تفر { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ }: للبعث وقت { ذَلِكَ يَوْمُ }: وقت إنجاز { ٱلْوَعِيدِ * وَجَآءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا }: ملكان { سَآئِقٌ }: إلى المحشر ثم إلى مقعده، و { وَشَهِيدٌ }: على أعماله، يقال للكافر: { لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا }: اليوم { فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَآءَكَ }: الحاجب لأمور المعاد فعاينتها { فَبَصَرُكَ ٱلْيَوْمَ حَدِيدٌ }: يدرك ما أنكرته في الدنيا { وَقَالَ قَرِينُهُ }: الملك الموكل عليه في الدنيا { هَـٰذَا }: الكتاب لأعمالك { مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ }: حاضر، فيقال للسائق والشهيد { أَلْقِيَا }: أيها الملكان، أو المخاطب واحد، والتثنية لتكرير الفعل { فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ }: معاند { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ }: المال أو الإسلام { مُعْتَدٍ }: ظالم { مُّرِيبٍ }: شاك في دينه { ٱلَّذِي جَعَلَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي ٱلْعَذَابِ ٱلشَّدِيدِ }: لما قال: رب إن الملك زاد علي في الكتابة { قَالَ قرِينُهُ }: الملك { رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ }: ما زدت عليه فيها { وَلَـٰكِن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ }: عن الحق والاستئناف لأنه جواب محذوف بخلاف الأول { قَالَ }: الله تعالى: { لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } على لسان رسلي { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ }: بتعذيبكم ودلائل عفو العصاة تخصيص لا تبديل { وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ }: ذو ظلم { لِّلْعَبِيدِ }: بتعذيب من لا يستحق وقد مر بيانه، اذكر { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ }: بأصحابك { وَتَقُولُ }: جهنم { هَلْ مِن مَّزِيدٍ }: تطلب الزيادة أو تستبعدها أو ليس لي مزيد { وَأُزْلِفَتِ }: قربت { ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ }: بطي المسافة بينهما إكراماً لهم كائنة { غَيْرَ بَعِيدٍ }: منهم بحيث يرونها، والتذكير لمعنى البستان، يقال لهم: { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ }: بدل من المتقين { أَوَّابٍ }: رجاع إلى الله تعالى { حَفِيظٍ }: لحدوده { مَّنْ }: بدل آخر { خَشِيَ ٱلرَّحْمَـٰنَ بِٱلْغَيْبِ }: في سره، أفاد بتخصيص الرحمن أنهم يخشونه مع علمهم بسعة رحمته، والخشية: الخوف إلا أنه لوحظ في الأول ضفع الخاشي، وفي الثانية عظمة المخشي والهيبة ملحوظة في تقاليب خ.ش.ي { وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ }: راجع إلى الله تعالى، يقال لهم: { ٱدْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ }: من الله تعالى أو سالمين { ذَلِكَ يَوْمُ }: تقدير { ٱلُخُلُودِ }: في النعم { لَهُم مَّا يَشَآءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ }: على مشيئتهم.