الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم / تفسير الكازروني (ت 923هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهْتَدَيْتُمْ إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ } * { فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ }: الزموا { أَنْفُسَكُمْ }: بإصلاحها { لاَ يَضُرُّكُمْ }: ضلالُ، { مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهْتَدَيْتُمْ }: بشرط أن تجربوا أنه لا ينفعهم نصحكم كما صح في الحديث، لأنه لما سئل -صلى الله عليه وسلم- أجاب عن ذلك، ومعنى { أَنْفُسَكُمْ }: أهل دينكم، { إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يِآ أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ }: فيما فرض عليكم، { شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ }: خبر بمعنى الأمر، والإضافة إلى الظرف اتساعاً، { إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ }: بدل من إذا، { ٱثْنَانِ }: فاعل شهادة، { ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ }: من المسلمين، { أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ }: كالنصارى، { إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ }: أي: سافرتم يعني بشرط لإيصاء الكافر كونكم في السفر، { فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ }: فإن ارتبتم، { تَحْبِسُونَهُمَا }: توقفونهما { مِن بَعْدِ ٱلصَّلٰوةِ }: صلاة العصر، { فَيُقْسِمَانِ }: يحلفان { بِٱللَّهِ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ }: فيهما، ويقولان: { لاَ نَشْتَرِي بِهِ }: بالقسم أو بالله { ثَمَناً }: عرضاً من الدنيا، { وَلَوْ كَانَ }: من يقسم له، { ذَا قُرْبَىٰ }: أي: قريبنا حاصله نصدق لو علينا، { وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ }: المأمورة، { إِنَّآ إِذَاً }: إنْ كتمنا { لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ }: اطلع، { عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ }: اقطتعا، { إِثْماً }: بيمينهما الكاذبة، { فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا }: مقام الشاهدين في توجه اليمن إليهما { مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ }: مجهولاً أي ارتكب الإثم، { عَلَيْهِمُ }: أي: بالنسبة إليهم، وهم الورثة، { ٱلأَوْلَيَانِ }: بدل من الذين، وإما معروفا أي: من الورثة الذين استحق عليهم الأوليان الأحقان بالشهادة لمعرفتهما، وهما الآخران، ومفعوله محذوف، وهو التجرد للشهادة، واليمين، والمراد اثنان من أقارب الورثة يقومان، { فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ }: على خيانة الشاهدين ويقولان: { لَشَهَادَتُنَا }: يميننا { أَحَقُّ } بالاعتبار، { مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ }: ما تجاوزنا عن الحق، { إِنَّا إِذاً }: إن اعْتدينا { لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ } وتخصيص العدد لخصوص الواقعة لأنه يصحُّ الإيصاء إلى واحد، والمستحقان المنزل فيهما: عمرو بن العاص والمطلب ابن أبي رفاعَة السميهان، والميت بديل مولى عمرو بن العاص والوصيان المرتابان: تميم الداري وعدي بن زيد حين نَصْرَانِيَّتِهما في سفر الشام. وعن عمر -رضي الله عنه-: هذه الآية أعْضَلُ ما في هذه السورة من الأحكام. وأجمع المفسرون على أنها في غاية الصعوبة إعرابا ونظما، وقد بان حَلُّها. *رُوي أن تَميماً وعديا في نصرانيتهما كانا في سفر إلى الشام مع بديل، وكان مسلما فمرض " بديل " فدَوَّن ما مَعهُ في صحيفة وطرحها في متاعه ولم يخبرهما به وأوصى إليهما أن يدفعا متاعه إلى أهله ومات ففتشاه وأخذا منه إناءً من فضة فيه ثلاثمائة مثقال منقوشا بالذهب فغيباه فأصابَ أهله الصحيفة فطالبوهما بالإناء فجحدا فترافعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ }... الآية فحلفهما -صلى الله عليه وسلم- بعد العصر عند المنبر وخلى سبيلهما ثم وجد الإناء في أيديهما فقالا: اشتريناه منه ولكن لم يكن لنا عليه بينة فكرهنا أن نقربه فرفعوهما إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فنزلت: { فَإِنْ عُثِرَ } فقام عمرو والمطلب وحلفا.