الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم / تفسير الكازروني (ت 923هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَٰلَهُمْ } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ } * { فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } * { سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } * { وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ } * { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } * { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } * { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } * { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ } * { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } * { وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } * { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } * { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَٰهُمْ } * { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ }

مختلف فيها. لمَّا أُمِر بالصبر على أذَى الكافرين الصَّادين عن سبيل الله، بين سوء عاقبتهم بقوله: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ }: امتنعوا ومنعوا { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ }: الإيمان { أَضَلَّ }: أضاع { أَعْمَٰلَهُمْ }: من نهو مكارمهم، فلا يثابون بها في الآخرة { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ }: خصة تعظيما، ولأنه الأصل { وَهُوَ ٱلْحَقُّ }: الناسخ الذي لا ينسخ الكائن { مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ }: سترها بإيمانهم وعملهم { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ }: حالهم { ذَلِكَ }: المذكور من الإضلال والتفكير والإصلاح { بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ }: الكائن { مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ }: البيان { يَضْرِبُ }: يبين { ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ }: أحوالهم { فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ }: أصله: فاضربوا الرقاب ضربا، أي: اقتلوهم بهذا الطريق إن أمكن { حَتَّىٰ إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ }: أكثرتم قتلهم وأسرتموهم { فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ }: للأسرى واحفظوهم لئلا يهربوا { فَإِمَّا }: تمنون { مَنًّا بَعْدُ }: بلإطلاقهم مجانا، أو استرقاقهم { وَإِمَّا }: تفدون { فِدَآءً }: بمال أو أسرى المسلمين، فيخير بعد أسر الذكر الحر المكلف بين القتل والمن والفداء والاسترقاق، والأخير منسوخ عند الحنفية، أو مختص ببدر { حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا }: أثقالها التي لا تقوم إلا بها، كالسلاح، أي: تنقضي بحيث لم يبق إلا مسلم أو مسالم الأمر فيهم { ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ }: لا نتقم { مِنْهُمْ }: من الكفار بلا قتالكم { وَلَـٰكِن }: أمركم بالقتال { لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ }: فيكرم المؤمن بالغنيمة أو الشهادة، ويخزي الكافرين { وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ }: يضيع { أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ }: إلى سبيل السلام { وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ }: حالهم دائما { وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ }: وقد { عَرَّفَهَا لَهُمْ }: في الدنيا ليشتاقوا إليها، أو طيبها { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ }: أي: دينه { يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }: على الطاعة أو الصراط { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً }: نقيصة وهلاكا { لَّهُمْ }: من الله { وَأَضَلَّ }: ضيع { أَعْمَالَهُمْ }: عطف على تعيسوا المقدر { ذَلِكَ }: من التعس والإضلال { بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ }: القرآن { فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ }: كرره إشعارا بلزومه الكفر به { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ }: أستأصلهم وأموالهم { وَلِلْكَافِرِينَ }: أي: لهم { أَمْثَالُهَا }: أي: أمثال تلك العاقبة { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى }: ولي { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ }: لكنه مولاهم بمعنى مالكهم كما فيمَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ } [الأنعام: 62] { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ }: في الدنيا { وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ }: بلا شكر وملاحظة حِلٍّ { وَٱلنَّارُ مَثْوًى }: منزل { لَّهُمْ * وَكَأَيِّن }: كم { مِّن }:أهل { قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن }: أهل { قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ }: الإسناد باعتبار السبب { أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ }: أي: لم يكن { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ }: حجة { مِّن رَّبِّهِ }: كالقرآن { كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ }: جمع باعتبار المعنى { أَهْوَاءَهُمْ * مَّثَلُ }: عجيب صفة { ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ }: ها { ٱلْمُتَّقُونَ }: فيما قصصنا عليك { فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ }: متغير ولو في بطن شاربه { وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ }: حموضة وغيرها { وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ }: لذيذة { لِّلشَّارِبِينَ }: طعما وريحا { وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى }: من كل وسخ { وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ }: أصناف { ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ }: رضا { مِّن رَّبِّهِمْ }: ذكره لإمكان سخط السيد عبده إحسانه إليه، أفمن هو خالد فيها { كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً }: شديد الحر { فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ * وَمِنْهُمْ }: من المنافقين { مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ }: استهزاء { لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ }: علماء الصحابة { مَاذَا قَالَ }: محمد { آنِفاً }: الساعة القريبة أي: ما كنا ملتفتين إليه { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ }: فلا تهتدي { وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ }: شهواتهم { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ }: الله تعالى { هُدًى }: بالتوفيق { وَآتَاهُمْ }: ألهمهم { تَقْوَاهُمْ }: ما يتقون به { فَهَلْ }: ما { يَنظُرُونَ }: ينتظرون في تأخيرهم الإيمان { إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ }: بدل منها { بَغْتَةً فَقَدْ }: أي: لأنه { جَآءَ أَشْرَاطُهَا }: علامتها كبعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشق القمر { فَأَنَّىٰ }: فكيف { لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ }: الساعة { ذِكْرَٰهُمْ }: اتعاظهم حين لا ينفعهم، إذا علمت حال الفريقين { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ }: مستحق للعبادة { إِلاَّ ٱللَّهُ }: كما مر بيانه، أي: دم على اعتقاده { وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ }: من الفرطات هضما لنفسك، أو ليقتدي بك { وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ }: حذف المضاف وإعادة الجار مشعران بشدة احتياجهم إليه، وبتغاير جنسي الذنبين { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ }: متصرفكم في الدنيا { وَمَثْوَاكُمْ }: في العقبي فاتقوه