الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم / تفسير الكازروني (ت 923هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً } * { وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً } * { مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } * { وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً }

{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ }: أي فيه، { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ }: كما زعموا، { لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً }: على ما دل عليه الاستقراء، فلا يكون كله في طبقة البلاغة، وصادقاً في الإخبار عن الغيب، والحال أنه ليس فيه اختلاف قليل، { وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلأَمْنِ }: كفتح، { أَوِ ٱلْخَوْفِ }: كهزيمة، { أَذَاعُواْ بِهِ }: أفشوهكما فعله بعض ضعفله المسلمين قبل أن يتكلم به النبي وذَووا الرأي من صحبه مع ما فيه من المضارِّ { وَلَوْ رَدُّوهُ }: أي ذلك الخبر، { إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ }: ذوي الرأي، { مِنْهُمْ }: من أكابر الصحابة، وسكتوا عنه حتى يخبروا به { لَعَلِمَهُ }: الخبر أنه مما يذاع أم لا، وعلى أيّ وجهٍ يذكر { ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ }: يستخرجون عمله { مِنْهُمْ }: من جهة الرَّسُول، وأولي الأمر، { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ }: بالهداية بالرسول، { لاَتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَانَ }: والضلال، { إِلاَّ قَلِيلاً }: منكم ممَّن اهتدى بعقله الصَّائب كقُسِّ بن ساعدة قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يقال مقتضاه عدم اتباع أكثر الناس للشيطان، والواقع خلافه، وفي الحديث: " الإسْلام في الكُفْر كالشَّعْرة البيضاء في الثَّوْر الأسْود " لأن الخطاب للمؤمنين، { فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ }: ولو وحدك، { لاَ تُكَلَّفُ } فعلاً من الأفعال { إِلاَّ نَفْسَكَ }: أي: إلا فعلها، فجاهد وإن لم يساعدك أحد، وهذا لا ينافي بعثه لتكليف الناس لأنه ما عنى به ذلك بل هو من قوله تعالى:عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } [المائدة: 105]: إلى آخره، ويؤيد ذلك:، { وَحَرِّضِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }: على القتال { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَكُفَّ }: شِدَّةَ { بَأْسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }: ووَفّى به في بدر الصغرى، بإلقاء الرعب في قلوبهم، إذ عسى من الكريم موجب، { وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً }: صولة، { وَأَشَدُّ تَنكِيلاً }: عُقُوبةً، { مَّن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً حَسَنَةً }: كجلب نفع مسلم، أو دَفْع ضره أو دعاء بالخير له، { يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا }: وهو ثواب الشَّفاعة، وفي الحديث " مَنْ دَعَا لأخيه المسلم بظهر القلب استجب له، وقال له المَلكُ: ولك مِثْلُ ذلكَ " ، { وَمَن يَشْفَعْ شَفَٰعَةً سَيِّئَةً }: لا تجوز شرعاً، { يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ } نصيب { مِّنْهَا }: من وزْرها، قال في الحسنَةِ: نَصيبٌ، لإطلاقه على القليل والكثير، وفي السيئة، كِفْلٌ لأنه إنما يقال في المثل وفي الردئ، وأما: " يؤتكم كفلين " فمعناه: كفلين من رحمته يكفلان لكم من العذاب، { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً }: مقتدراً من قات: قدر { وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ }: سُلِّم عليكم { فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ }: زيدوا عليها نحو: " رحمة الله وبركاته " ، ولا يزاد عليها اتباعاً، ولا ستجمعها أقسام المطالب السلامة عن المضار، وحصول المنافع وثباتها، { أَوْ رُدُّوهَآ }: بلا زيادة وهو واجب على الكفاية حيث شرع الإسلام، وفًسِّرَتْ بالهَدِيَّة أيضاً، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }: يحاسب فيجازي، { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ }: والله، { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } ليحشرنكُمْ { إِلَىٰ }: في، { يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ }: في اليوم أو الجمع، { وَمَنْ } لا { أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً }: إذ غيره يجوز عليه الكذب عَقْلاً.