الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم / تفسير الكازروني (ت 923هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَٰوةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً } * { وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوۤاْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } * { فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً مَّوْقُوتاً } * { وَلاَ تَهِنُواْ فِي ٱبْتِغَآءِ ٱلْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ ٱللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً } * { وَٱسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً } * { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } * { هَٰأَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } * { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً }

{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ }: أي: سافرتم قدر أربعة بُرُدٍ للسُّنَّة، وعند الحنيفة ستة برد، { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ }: حرج في، { أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَٰوةِ }: بتنصيْف ركعات الرباعية، وظاهره الجواز خلافاً للحنيفة، وصَحَّ أنه -صلى الله عليه وسلم- أتمَّها وأقر إتمام عائشة -رضي الله عنها-، وقول عمر -رضي الله عنه: " صلاةُ الَّفر ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم ": فمعناه أنه كالتمام في الإجزاء، وقول عائشة -رضي الله عنها-: " أول مَا فُرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأُقرَّت في السَّفر وزيدتْ في الحضر " لا ينفي جواز الزيادة، { إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ }: ينالكم بمكروه، { ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ }: شرط خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له كنظائره، وقد نطق به أحاديث كثيرة أو: { إِنْ خِفْتُمْ } ابتداء كلام، وجوابه محذوف، نحو: فاحطاتوا، يدُلُّ عليه، { إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً * وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ }: حاضراً، هذا جارٍ على عادة القرآن في الخطاب فلا مفهوم له، { فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ }: اجعلهم طائفتين، { فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ }: فصَلِّ بهم، والأخرى تجاه العدو، { وَلْيَأْخُذُوۤاْ }: المُصلُّون أو الحارسون، { أَسْلِحَتَهُمْ }: حزماً، { فَإِذَا سَجَدُواْ }: أي: صلُّوا وأتمُّوا الصلاة، { فَلْيَكُونُواْ }: المصلون، { مِن وَرَآئِكُمْ }: حارسين، { وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ }: المصلون أو الحارسون، { حِذْرَهُمْ }: تحرُّزهم، وهذها استعارة عن الآلة وفيه مبالغة، { وَأَسْلِحَتَهُمْ }: ولا يرد أنه جمع بين الحقيقة والمجاز في الأخذ، وظاهرها صلاة الإمام مرتين كصلاته -صلى الله عليه وسلم- ببطن النخل، وإن أريد أن يُصلي بكلِّ ركعةٍ في الثنائية، فيصلي بالأولى ركعة، وينتطرها قائما ليتموا منفردين ويذهبوا إلى العدو فيتم بالأخرى الثانية وينتظرهم قاعداً ليسلم بهم، كفعله -صلى الله عليه وسلم- بذات الرقاع، وروي في كيفيتها ستة وجوه أو سبعة بَسطوها في الفقه، { وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ }: عند صلاتكم بالقتال، { مَّيْلَةً وَاحِدَةً }: مجتمعين، { وَلاَ جُنَاحَ }: لا وزر، { عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَّرْضَىۤ أَن تَضَعُوۤاْ أَسْلِحَتَكُمْ }: لثقلها، هذا يؤيد القول بوجوب حملها، { وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ }: تيقظكم بكلِّ حالٍ، { إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }: غَلبوا أو غُلبوا، { فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَٰوةَ }: أردتم أدائها في اشتداد الخوف، { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ }: صَلُّوا، { قِيَاماً }: مُسايفيْنَ، { وَقُعُوداً }: مُرامين، { وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ }: مُثخَنين، أو: إذا أديتم الصلاة فاذكروه في كل حال جبرا لتخفيفاتها، وعند الحنيفة: لَا يصلي حتى يطمئن { فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ } [سكنت قُلوبُكُم و] زال خوفكم، { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ }: عدِّلُوا أركانها، وعند حنيفة: لَا يصلي حتى يطمئن { إِنَّ ٱلصَّلَٰوةَ كَانَتْ } للدَّوَام { عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَٰباً }: مَفْروضاً، { مَّوْقُوتاً }: مَحْدود الأوقات، { وَلاَ تَهِنُواْ }: لا تضعفوا، { فِي ٱبْتِغَآءِ }: طلب قتال { ٱلْقَوْمِ }: الكفار، { إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ }: بالجرح، { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ }: من الثواب والنصر لعدم اعتقادهم بالبعث، وما أنزل إليكم، { مَا لاَ يَرْجُونَ }: فلكم هذا المزيد، فكونوا أصبر، { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً }: بضمائركم، { حَكِيماً }: فيما حكم، { إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ }: القرآن ملتبساً، { بِٱلْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَاكَ }: عَرَّفك، { ٱللَّهُ }: بالوحي، { وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ }: لأجلهم، كَطُعْمةَ بن أبريق إذ سرق دِرْع جاره، وأودعه عند يهودي، ثم اتهمه به، { خَصِيماً }: للبرآء كهذا المتهم، { وَٱسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ }: من إرادة خصمه البريء، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً }: لمن استغفره { وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ }: يخونون، { أَنْفُسَهُمْ }: بالمعصية ويجعلونها خائنة كطعمة وعشيرته، { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً }: كثير الخيانة، { أَثِيماً }: منهمكاً في الإثم كطعمة، { يَسْتَخْفُونَ }: ذكر معاصيهم، { مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ }: والإخفاء عنه تركه، { إِذْ يُبَيِّتُونَ }: يدبرون، { مَا لاَ يَرْضَىٰ }: الله به، { مِنَ ٱلْقَوْلِ }: كرمي البريء، { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً }: بالعلم فيجازيهم، { هَٰأَنْتُمْ } يا { هَـٰؤُلاۤءِ }: الحمقى، يعني يا قوم طعمة، { جَٰدَلْتُمْ عَنْهُمْ }: عن طعمة وعشيرته، { فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ }: إذا أخذهم، { أَمْ }: بل، { مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً * وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً }: مع غيره، { أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ }: فقط، { ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ }: بالتوبة، { يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً }: عن ابن مسعود أنها من أرجى الآيات.