الرئيسية - التفاسير


* تفسير الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم / تفسير الكازروني (ت 923هـ) مصنف و لم يتم تدقيقه بعد


{ طسۤ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ } * { هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } * { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } * { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوۤءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ } * { وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْس وَٱلطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ }

لمَّا بَيَّن أن القرآن تنزيلٌ من رب العالمينَ، وبَيَّن حِفْظهُ من الشَّياطين، وأنه ليس بقول شاعر، بَيَّن عظمة شَأْنه فقال: { بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * طسۤ }: كما مر { تِلْكَ }: الآيات { آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ }: اللوح المبين لناظريه ما هو كائن، نكره تعظيما، وبين في الحجر { هُدًى }: مزيد هداية { وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ * ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ }: أفهم بتغيير الأسلوب قوة يقينهم ودوامه { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ }: القبيحة بخلق شهوتها، فلا ينافي: أي: بوسوسته { فَهُمْ يَعْمَهُونَ }: فلا يدركون قبحها { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ * وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى }: تُوْتَى { ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ }: اشعر بأن القرآن حكمه كالعقائد والشرائع ومنه غيرها كالقصص، وذكر المغيبات، اذكر { إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ }: في مسيره من مَدْينَ إلى مصر { إِنِّيۤ آنَسْتُ }: أبصرت { نَاراً سَآتِيكُمْ }: أفهم بالسين بعد المسافة { مِّنْهَا }: من أهلها { بِخَبَرٍ }: عن الطريق { أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ }: شعلة { قَبَسٍ }: نار مقتبسة من نار { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ }: تستدفئون بها، قاله من قوة الرجاء فلا ينافي طلبه { فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ }: قدس { مَن فِي ٱلنَّارِ }: عن ابن عباس وغيره أنه هو - تعالى -، والنار نوره، أي: أسمعه النداء من جهتها { وَمَنْ حَوْلَهَا }: الملائكة، ولكل تقديس يليق به، وفي التوراة: " جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من فاران " ، أي: جاءت منها آيته ورحمته، وبعث عيسى من ساعير ومحمد عليهما الصلاة والسلام من فاران جبال مكة { وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ }: عن كونه مكانيا { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ }: النار { أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ }: القادر على ما يبعد من الأوهام { ٱلْحَكِيمُ }: في أفعالي { وَ }: نودي: أنْ { أَلْقِ عَصَاكَ }: فألقاها { فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ }: تتحرك مضطربا { كَأَنَّهَا جَآنٌّ }: حية خفيفة في السرعة مع عظمها { وَلَّىٰ }: هرب { مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ }: لم يرجع نودي: { يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ }: من شيء لاستغراقهم في { إِلاَّ }: لكن { مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ }: ظلمه { حُسْناً }: بالتوبة { بَعْدَ سُوۤءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ }: به، تعريض بوكزة القبطي { وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ }: إذ كان درعه بلاكم، أو قميصك { تَخْرُجْ بَيْضَآءَ }: كقطعة قمر { مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ }: كبرصٍ { فِي }: جملة { تِسْعِ آيَاتٍ }: كما مر، والأولى جعل الجدب والنقصان آية، والجراد والقمل آية، وإلا فهي إحدى عشر مرسلا { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً }: بينة، مجاز للمبالغة { قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ * وَجَحَدُواْ }: لم يقروا { بِهَا وَ }: قد { ٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ }: أنها آيات الله { ظُلْماً وَعُلُوّاً }: تكبروا { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ * وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً }: عظيما، فشكرا { وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا }: بهذه النَّعم { عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ }: من عبادنا { ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ }: من { دَاوُودَ }: علمه ونبوته وملكه من بنية التسعة عشر { وَقَالَ }: تعداداً للنَّعم: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ }: المنطق: كل لفظ يعبر به عما في ضمير وعنى به هنا ما يقصد بصوته كتفاهم بعضه عن بعض، وخصه مع كون كل حيوان وشجر كذلك لكونه معه يضلله { وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ }: مجاز عن الكثرة، وجمع لنفسه ولأبيه، أو رعاية لقواعد السياسة كالمُلُوك { إِنَّ هَـٰذَا }: المؤتى { لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ }: الظاهر { وَحُشِرَ }: جمع { لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ }: قيل: كانوا في مائة فرسخ، وعشرين للإنس، ومثله للجن ومثليه لغيرهما { مِنَ ٱلْجِنِّ }: كانوا حول الإنْس { وَٱلإِنْس }: كانوا حوله { وَٱلطَّيْرِ }: كان يظلله { فَهُمْ يُوزَعُونَ }: يجمعون، ثم يساقون، فساروا { حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ }: بالشام أو الطائف { قَالَتْ نَمْلَةٌ }: ملكتهم: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ }: لا تكونوا بحيث يحطمكم ويكسركم { سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }: بحطمكم { فَتَبَسَّمَ }: إلى أن صار { ضَاحِكاً }: أو متعجبا { مِّن قَوْلِهَا }: قيل: سمعه من ثلاثة أميال فحبس جنده حتى دخلوا بيوتهم { وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ }: ألهمني { أَنْ }: أي: أو بمعنى بأن { أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ }: بها { عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي }: عداد { عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ }: كما مر، قيل: لما أتم بيت المقدس حج ثم خرج من مكة صباحا ودخل صَنْعاءَ ظهيرة فاعجبته وما وجد فيها الماء لوضوءه