الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

و " السابق " هو الذي حصل منه الفعل - بصدد ما هو فيه - قبل غيره، وكلنا والحمد لله مؤمنون، ومن آمنوا أولاً، ومن آمنوا بعد ذلك كلهم مؤمنون، لكنْ هناك أناس سبقوا إلى الإيمان، فهل كان سبقهم سبق زمان أم سبق اتباع؟ إن سبق الزمان يتحدد في الذين عاصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ظن ظان أن المقصود بالسابقين هم الذين سبقونا سبق زمان، فقد يقول منا قائل: وما ذنبنا نحن وقد جئنا بعد زمانهم؟ ولذلك نقول: إنما السبق يعتبر من معاصر، أي: كان معهم أناس غيرهم وهم سبقوهم ولذلك جاء القول: { مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ } ونعلم أن الذين هاجروا مع الرسول لم يكن كل مسلمي مكة، وجاء قوله: { مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ } وأيضاً لم يكن كل الأنصار من أهل المدينة هم من السابقين. وينحصر المعنى في الذين سبقوا إلى الإيمان في مكة، وسبقوا إلى النصرة في المدينة، هؤلاء هم { ٱلسَّابِقُونَ }. وفي سورة الواقعة يقول الحق:وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ * أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } [الواقعة: 10-12]. ثم يأتي من بعدهم في المرتبة:وَأَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْيَمِينِ } [الواقعة: 27]. ثم يحدد الحق هؤلاء فيقول:ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } [الواقعة: 13-14]. ولذلك حينما يأتي من يقول: لن يستطيع واحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم تأخر عن عصر محمد صلى الله عليه وسلم أن يصل إلى منزلة الصحابة لأن الله قال: { وَٱلسَّابِقُونَ } ، نقول له: لا، بل افطن إلى بقية قوله سبحانه: { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } ، وهذا دليل على أن بعضاً من الذين جاءوا بعد زمان رسول الله صلى الله عليه سينالون المرتبة الرفيعة، وهكذا لم يمنع الحق أن يكون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم سينالون المرتبة الرفيعة، وهكذا لم يمنع الحق أن يكون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة مَنْ يصل إلى منزلة الصحابة. وقد طمأن النبي صلى الله عليه وسلم الناس الذين لم يدركوا عهده حين قال: " " وددت أنِّي لقيت إخواني ". فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أو ليس نحن إخوانك؟. قال: " أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني " وهذا قول صادق من المصطفى صلى الله عليه وسلم لأن منا من تنحصر أمنيته في أن يحُجَّ ويزور القبر الشريف. ويضيف النبي صلى الله عليه وسلم في وصف أحبابه: " " عمل الواحد منهم كخمسين ". قالوا: منهم يا رسول الله أم مِنَّا؟ قال: " بل منكم لأنكم تجدون على الخير أعواناً، وهم لا يجدون على الخير أعواناً "

السابقالتالي
2 3