الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ }

قال يا رب اغفر لي إن كان قد بدر مني شيء يخالف منطق الصواب والحق. واغفر لأخي هارون ما صنع، فقد كان يجب عليه أن يأخذ في قتال من عبدوا العجل حتى يمنعهم أو ينالوا منه ولو مادون القتل جرحاً أو خدشاً أو..... أو..... إلخ. ويطلب موسى لنفسه ولأخيه الرحمة: { وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [الأعراف: 151]. وحين تسمع { أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } أو { خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } ، أو { خَيْرُ ٱلْوَارِثِينَ } ، أو { أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } ، وكل جمع هو وصف لله، وإنه بهذا أيضاً يدعو خلقه إلى التخلق بهذا الخلق، ويوصف به خلقه. فاعلم أن الله لم يحرمهم من وصفهم بهذه الصفات لأن لهم فيها عملاً وإن كان محدوداً يتناسب مع قدرتهم ومخلوقيتهم وعبوديتهم، فضلاً على أنها عطاء ومنحة منه - سبحانه - أما صفات الله فهي صفات لا محدودة ولا متناهية جلالا وكمالاً وجمالاً فسبحانهلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [الشورى: 11]، فإذا كان خلق الله هو { أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } فهذا يعني أنه سبحانه لم يمنع الرحمة من خلقه على خلقه فمن رحم أخاه سُميِّ رحيماً، وراحماً، ولكن الله أرحم الراحمين لأن الرحمة من كل إنسان ضمان لمظهرية الغضب في هذا الأحد، يقال: " رحمت فلاناً " أي من غضبك عليه وعقوبتك، وإنّ عقوبتك على قدر قوتك، لكن الله حين يريد أن يأخذ واحداً بذنب فقوته لا نهاية لها، وكذلك رحمته أيضاً لا نهاية لها. ويقول الحق بعد ذلك: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ... }.