الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ }

و { أَرْجِهْ } أي أَخّره مثل قوله الحق:وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ.. } [التوبة: 106]. أي أنهم مؤخرون للحكم عليهم وهم الثلاثة الذين تخلفوا عن الغزو فخلفوا وأرجئ أمرهم حتى نزل فيهم قوله سبحانه: { وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ } إلخ الآية. وقولهم: { أَرْجِهْ وَأَخَاهُ.. } [ الأعراف: 111]. وهكذا كان طلب الإرجاء لأن المسألة أخطر من أن يُتَصَرَّف فيها تصرفاً سريعاً بل تحتاج إلى أن يؤخَّر الرأي فيها حتى يجتمع الملأ، ويرى الجميع كيفية مواجهتها، فهي مسألة ليست هينة لأن فيها نقض ألوهية فرعون، وفي هذا دك لسلطان الفرعون وإنهاء لانتفاعهم هم من هذا السلطان. فإذا كان قد قال لهم: { فَمَاذَا تَأْمُرُونَ }. فكأنه كان يطلب منهم الرأي فوراً، لكنهم قالوا إن المسألة تحتاج إلى تمهل وبطء، وأول درجات البطء والتمهل أن يُستدعى القوم الذين يفهمون في السحر. فما دمنا نقول عن موسى: إنه ساحر، فلنواجهه بما عندنا من سحر: وقبول فرعون لهذه المشورة هدم لألوهيته لأنه يدعي أنه إله ويستعين بمألوه هم السحرة، والسحرة أتباع له. وقوله الحق على ألسنتهم: { وَأَرْسِلْ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } [ الأعراف: 111]. يدل على أن السحر كان منتشراً، ومنبثاً في المدائن وقد أتبع سبحانه هذا القول على لسان الملأ بقوله: { يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ... }.