الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَنِعْمَةً وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

الفضل يعني الزيادة، والمراد هنا أن الله تعالى عاملهم بمزيد من نعمه وكرمه. قالوا لأحد الصالحين: احكم بيننا، فقال: بالعدل أم بما هو أحسن من العدل؟ قالوا: وهل هناك أحسن من العدل؟ قال: أحسن من العدل الفضل، العدل أنْ تأخذ حقك، والفضل أنْ تتنازل عنه تفضلاً. كذلك نِعَم الله علينا من باب الفضل، لأن التكليف الذي كلَّفنا الحق به يعود علينا نحن بالمصلحة ولا ينتفع الله منه بشيء، لأنه سبحانه الغني عن خَلْقه لا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، وهو سبحانه بصفات الكمال فيه خلقنا، إذن: النعم ليستْ مقابلاً للطاعة، إنما هي محْضُ فضل من الله. أما في مثله قوله تعالى:إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر: 10] فسمَّى لهم أجراً ليعلموا أن عملهم مقبولٌ، وسيُجزون عليه الجزاء الأوفى. وقوله سبحانه: { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [الحجرات: 8] عليم وعلمه محيط لا يخفى عليه شيء من أمرك، والسر عنده علانيةيَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ } [غافر: 19]. إذن: إياك أنْ يخالط عملك نفاقٌ أو رياء أو عجب أو كبرياء. وقلنا: إن الله تعالى يريد القلوب لا مجرد عمل الجوارح. ثم هو سبحانه { حَكِيمٌ } [الحجرات: 8] يدبر شئون ملكه بمقتضى حكمته تعالى، والحكيم هو الذي يضع الشيء في موضعه المناسب.