الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

نزلت هذه الآية في جماعة كان لهم أسرى، فجاءوا يراجعون رسول الله في أمرهم ليطلق سراحهم، لكنهم أخطأوا من عدة وجوه: أولاً: جاءوا بيت النبي صلى الله عليه وسلم من الوراء ولم يأتوا من الأبواب. ذلك لأنهم لا يعرفون في أيِّ حجرة يقيم رسول الله، أهو عند عائشة؟ أمن عند حفصة؟ أمن عند أم سلمة؟ وهم يعلمون أن لرسول الله مهمات شتى، له مهمة مع الناس، ومهمة مع أهله، ومهمة قبل ذلك مع ربه. فكان عليهم إذا لم يظهر لهم رسول الله في المسجد أنْ ينتظروا خروجه وألاَّ يُزعجوه، فهو ولابدَّ في مهمة من هذه المهمات وربما كان مشغولاً في خلوة مع ربه عز وجل أو مع أهله. ثانياً: نادوا رسول الله كما ينادي بعضهم بعضاً، ولم يراعوا حرمة رسول الله ومنزلته، لذلك وُصف أكثرهم بأنهم لا يعقلون، فالتعقل يقتضي خلاف هذا التصرف. { وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ.. } [الحجرات: 5] نعم خيراً لهم لأنه صلى الله عليه وسلم بعد أنْ نادوه واضطروه للخروج أطلق نصف الأسرى، وقال: والله لو صبروا حتى أخرج عليهم لأطلقتُ الأسرى كلهم. إنما جعل ذلك تأديباً لهم لخروجهم عن اللياقة والأدب في التعامل معه صلى الله عليه وسلم. { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [الحجرات: 5] لم يأخذهم بالعذاب ورسول الله عاقبهم على قدر أعمالهم حتى لا يكون غضبه لنفسه. ثم قول الحق سبحانه: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ... }.