الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }

هذه قضية معاركية قتالية بالنسبة للمسلمين، وهي قضية واقعة ومبدأ لا يتخلف، وسنة من سنن الله لا تتبدلّ ما دام شرط الجندية قائماً لله ولنصرة دين الله. لذلك قلنا: إذا رأيتَ انهزام المسلمين في معركة فاعلم أنهم لم يحققوا شرط الجندية لله، وابحث فيهم هم عن سبب الهزيمة، لأن سنة الله في نصرة الفئة المؤمنة سنة ثابتة. قال تعالى:وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } [الصافات: 171-173] لذلك رأينا ما حدث في غزوة أحد عندما خالف الرماة أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجوا عن شرط الجندية. كذلك الحال يوم حنين الذي قال الله فيه:وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ } [التوبة: 25]. حتى إن الصِّديق نفسه لم يسلْمَ من مشاعر الإعجاب بالعدو، فقال: لن نُهزم اليوم عن قلة، لما داخلهم الغرور بالعدد والإعجاب بالكثرة حَلَّتْ بهم الهزيمة في أول الأمر. لكن تداركتهم رحمة الله، فانتصروا في نهاية المعركة، وكأنه كان تأديباً من الله لعباده المؤمنين ودرساً عملياً حتى يدخلوا الحرب، وليس في بالهم إلا الله، ونُصْرة دين الله. وقوله: { وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } [محمد: 7] تثبيت الأقدام كنايةٌ عن الثبات في المعركة، وكناية عن القوة، لأن الأقدام هي أداة الفرار من الحرب، فإذا ثبَّتها الله ثبتت ولم تفر، لذلك أمانة القدم ألاّ تفرَّ يوم الزحف.