الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ }

معنى { وَمَنْ أَضَلُّ.. } [الأحقاف: 5] استفهام غرضه النفي، يعني: لا أحدَ أشدُّ ضلالاً من هذا الذى يدعو من دون الله مَنْ لا يستجيب له، لا الآن ولا في المستقبل ولا يوم القيامة خاصة، وهو يعلم أن إلهه الذي يدعوه لا يستجيب له. الله سبحانه وتعالى هو المعبود بحقٍّ، وهو الكبير المتعال، لذلك الكافر حين يصيبه خير لا يلجأ إلى آلهته الباطلة، فلا ينادي يا هُبل أبداً. لا يقولها في وقت الشدة، لأنه يعلم أن هُبل لا يسمعه ولن يجيبه، وهو لا يخدع نفسه ولا يكذب عليها في هذه الحالة، فتراه يلجأ إلى الله ويدعوه رغم أنه كافر به. يقول تعالى:وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ.. } [الإسراء: 67] نعم ساعة الضيق يبحث عن الإله الحق الذي يملك له النفع ويملك له الضر. فيقول: يا رب لكن ساعةَ يكشف الله عنه ضُرّه يعود إلى كفره وعناده. يقول تعالى:وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ.. } [يونس: 12]. لماذا؟ لأن الدين أصبح عند هؤلاء فنطظية آمنوا بإله لا منهجَ له ولا تكاليف، لم يقُل لهم: افعل ولا تفعل، لذلك كانت آلهة باطلة حتى في التسمية، لأن الإله هو المعبود المُطاع في أمره ونهيه، إذن: هذا كله كذب وضلال. الحق سبحانه حين يُوضِّح لنا هذه المسألة أتى بها في صورة هذه السؤال لنُجيب نحن { وَمَنْ أَضَلُّ.. } [الأحقاف: 5] فنقول: لا أحدَ أضلَ من هذا، فيكون إقراراً منها وشهادة بهذا. وقوله: { وَهُمْ.. } [الأحقاف: 5] أي: الآلهة المدَّعاة { عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ } [الأحقاف: 5] لا يدرون بمن يدعوهم. ثم يقول الحق سبحانه: { وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً... }.