الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ عِندَ ٱللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ }

أي: علم الساعة عند اللهلاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ.. } [الأعراف: 187] وما أنا إلا رسول أُبلغكم ما أُرسلْتُ به من ربي { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } [الأحقاف: 23]. وهذه خلاصة الأمر أنكم تجهلون. يعني: عندكم جَهْل بالأمور، والجهل هو المشكلة الكبرى التي تقابل الرسل، البعض يفهم أن الجهلَ عدمُ العلم، لكن الجهل علمٌ يناقض الحق. لذلك قلنا: إن الأميَّ الذي لا يعلم شيئاً وليستْ لديه قضية أهون من الجاهل، لأنه فارغ الذِّهْن فتلقي إليه بالمعلومة فيقبلها، أما الجاهل فعنده قضية مُناقضة للحق فيحتاج إلى إخراجها أولاً، فتكن دعوتُه للحقِّ أصعبَ. وقوله: { وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ.. } [الأحقاف: 23] أي: أنني ما جئتُ من تلقاء نفسي، إنما جيء بي لأدعوكم إلى الله فلا بدّ أنْ يُنسب الفعلُ إلى فاعله. { أُرْسِلْتُ.. } [الأحقاف: 23] أي: من الله، كما قلنا فيسُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا.. } [الإسراء: 1] فمحمد صلى الله عليه وسلم لم يقل سريتُ إنما قال: أُسْرِي بي. وهذا يعني أنهم كذابون في قولهمأَجِئْتَنَا.. } [الأحقاف: 22] لأنه لم يأت من عند نفسه، إنما أرسله الله للبلاغوَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } [العنكبوت: 18] فأنا مرسل فقط للبلاغ، ولا أعرف متى يأتي العذاب، إنما يعرفه الذي يقدر عليه. { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ } [الأحقاف: 23] أي: تجهلون أن الرسول جاء مُبلِّغاً، ولا علمَ عنده بحلول العذاب بمَنْ كذَّبه.