الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلِكُلٍّ دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

قوله تعالى: { وَلِكُلٍّ.. } [الأحقاف: 19] لكلّ من الصنفين: المؤمنين الذي سبق ذكرهم في قوله تعالى:إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ.. } [فصلت: 30] والكافرين الذين قال الله عنهم:أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ.. } [الأحقاف: 18]. فلكُلٍّ من المؤمن والكافر والطائع والعاصي، كُلٌّ له جزاء على قدر درجته ومنزلته { دَرَجَٰتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ.. } [الأحقاف: 19]. ومعلوم أن الجنة درجات، وأن النار - والعياذ بالله - دركات، لذلك قال تعالى:إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ.. } [النساء: 145] لكن هنا جعلها درجات للمؤمنين وللكافرين، فكيف؟ قالوا: هذا نوع من السخرية والاستهزاء بهم والتأنيب لهم، كما في قوله سبحانه:فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الانشقاق: 24]. ومعلوم أن العذاب لا يُبشَّر به، البشارة لا تكون إلا بشيء سارَ مفرح. إذن: هذا تهكُّم كما فيذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } [الدخان: 49] وهو في هذا الموقف مُهان مُعذَّب مُحتقر، أو: أنه يسميها درجات لإغاظتهم ليزدادوا تحسُّراً وألماً. وقوله تعالى: { وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ.. } [الأحقاف: 19] من الوفاء، وهو أنْ تعطي الجزاء كاملاً غير منقوص كما تقول: وفيت فلاناً دينه. يعني: أعطيتُه كاملاً { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [الأحقاف: 19] يعني: لا ينقصون من أجورهم شيئاً.