الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ } * { ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ }

قوله: { أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ } [الدخان: 13] من أين لهم التذكُّر والاتعاظ؟ ومن أين لهم الإيمان الذي يدَّعونه وقد جاءهم { رَسُولٌ مُّبِينٌ } [الدخان: 13] بأكبر من هذا الدخان: بينات معجزات قائمة، كتاب حكيم معجز، حكمة تسيّر الكون على نظام بديع، يسعد الفرد والمجتمع واضح الحجة، واضح البيان، كثير الخيرات، محيط بكل وجوه الخير التي تعود عليهم، فما كان منهم إلا الإعراض والتكذيب. { تَوَلَّوْاْ عَنْهُ } [الدخان: 14] أعرضوا { وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } [الدخان: 14] يعني لم يُعرضوا عنه ويتركوه في حاله، إنما تعدَّوْا عليه بالقول والاتهام الكاذب { مُعَلَّمٌ.. } [الدخان: 14] أي: يعلمه غيره. كما قال سبحانه في موضع آخر:وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } [النحل: 103] فيردّ الله عليهم ويُبطل اتهاماتهملِّسَانُ ٱلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ } [النحل: 103]. وقد قالوا أنه صلى الله عليه وسلم يختلف إلى رجل فارسي يُعلّمه القرآن، وردّ عليهم في قولهم مجنون فقال سبحانهوَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } [التكوير: 22]. وقال:نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 1-4]. وما دام على خُلُق عظيم فهو لا يتعدى مقاييس الفضيلة، ولا تصدر عنه الأفعال إلا عن تدبّر وتعقّل وأدب، وما أبعد هذا عن الجنون!!.