الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

معنى { آيَةٍ } [الزخرف: 48] يعني: معجزة { إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } [الزخرف: 48] يعني: كل معجزة أعظم وأوضح من سابقتها، وهذا يعني أن الإعجاز واضح في جميع الآيات على كثرتها، فكل آية كبيرة من جهة ما لأن المقصود من الآيات الإعجاز وإثبات شيء ليس في مقدور البشر ولا طاقتهم، وما دام أن كل آية تؤدي هذا الغرض فهي آية كبيرة. وقوله: { وَأَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ } [الزخرف: 48] أي: عاقبناهم على تكذيبهم بالعذاب، وقد أوضح الحق سبحانه هذا العذاب في موضع آخر، فقال:وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } [الأعراف: 130]؟ وتأمل تذييل هاتين الآيتين، مرة: { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الزخرف: 48] ومرة { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } [الأعراف: 130] فالحق سبحانه لا يُعذِّب خَلْقه لأنه يحب أن يعذبهم إنما يعذبهم ليعودوا إليه، فحتى العذاب هنا رحمة بهم.
فَقَسَا ليَزْدَجِرُوا ومَنْ يَكُ حَازِماً   فَلْيَقْسُ أَحْيَاناً عَلَى مَنْ يرْحَمُ
وقوله: { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الزخرف: 48] أي: عن المكابرة والجدال والعناد، لكن هل رجعوا؟ أبداً ظَلُّوا على كفرهم وجحودهم، حتى بعد أنْ أخذهم اللهُ بالسنين يعني: القحط وجَدْب الأرض وجفافها، فنتج عن ذلك نقص الثمرات وضيق العيش. ثم بعد ذلك كلهفَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ } [الأعراف: 133] يعني: آيات واضحة الدلالة بيِّنة، فأصبحوا في ضيق وهُزَال مشغولين بلقمة العيش، فذهبوا إلى موسى عليه السلام بعد أنْ يئسوا وقالوا: { وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ... }.