الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَـٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ }

قلنا: الآيات هي المعجزات الدالة على صدق الرسول في البلاغ عن الله، وسيدنا موسى عليه السلام كان من أكثر الرسل حيازةً للمعجزات وخوارق العادات، وهذا يعني أن قومه كانوا أكثر خَلْق الله عناداً وإعراضاً عن المنهج، قال تعالى:وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } [الإسراء: 101]. ما مناسبة أنْ يأتي القرآنُ بلقطة من قصة سيدنا موسى في هذا الموضع؟ قالوا: لأن كفار مكة كانوا قد اجتمعوا ووقفوا في وجه الدعوة، واعترضوا على أنْ تأتي الدعوة على يد محمد بالذات، فقالوا: { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [الزخرف: 31]. يقصدون مكة وكان فيها الوليد بن المغيرة، والطائف وكان بها عروة بن مسعود الثقفي، وغيرهما من سادة القوم أصحاب المال والجاه والهيبة في القوم. إذن: لم يكُنْ الاعتراض على القرآن، إنما الاعتراض على مَنْ جاء القرآنُ على يديه. لذلك أراد الحق سبحانه أنْ يعطيهم مثلاً من موكب الرسالات، فهذا موسى - عليه السلام - لم يكُنْ صاحبَ مال، ولا صاحبَ جاه ولا سلطان، وأرسله الله إلى مَنْ هو أشدّ كفراً من أهل مكة وصناديدها، أرسله إلى فرعون الذي لم يكُنْ يعارض الدعوة إلى الله فقط، إنما كان يقول: أنا إله. إذن: لا عجبَ في إرسال محمد، وهو من عامة القوم وفقرائهم إلى السادة الأغنياء، وهو الوليد وعروة وغيرهما من رؤوس الكفر كانوا أشدَّ من فرعون. فالرسالة إذن لا يُطلب فيها أنْ يكون الرسولُ صاحبَ مال ولا صاحبَ جاه ولا سلطان، ثم هذه رحمة الله يقسمها كيف يشاء، ويختار لها مَنْ يشاء، ويصطفي من عباده. والمتأمل في رسالتَيْ موسى ومحمد يجد أن حياة موسى في مجتمعه أقل من حياة محمد في مجتمعه، لأن موسى تربَّى في بيت فرعون إلى أنْ شبَّ وحدَثتْ حادثة القتل التي قَتلَ فيها موسى واحداً من القوم، ثم جاء رجل من أقصى المدينة، وقاليٰمُوسَىٰ إِنَّ ٱلْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَٱخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ ٱلنَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَآئِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } [القصص: 20-21]. بعد ذلك وصل إلى مديْنَ وهناك وجد:وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } [القصص: 23-24]. أولاً: نقول إن هذه الأيام تعطينا منهجاً ودستوراً للتعامل مع المرأة المسلمة، وكيف ومتى تخرج من بيتها، فالعلة في خروج هاتين المرأتين أن أباهما شيخ كبير، ولا يوجد مَنْ يقضي لهما حاجتهما. إذن: لا تخرج المرأة من بيتها إلا لضرورة، وإذا خرجتْ تحشَّمتْ وتحجبتْ ولم تخالط الرجال، ثم مهمة المجتمع الإيماني أنْ يراعي حَقَّ المرأة وأنْ يأخذ بيدها فيما تريده من عمل، لأنه مجتمع الرحمة والقربى بين المسلمين جميعاً.

السابقالتالي
2 3 4