الرئيسية - التفاسير


* تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1419 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ }

معنى: { فَطَرَنِي } [الزخرف: 27] خلقني وأبدعني { فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } [الزخرف: 27] دلَّتْ على أن المنهج لا بدَّ أن يكون من الذي خلق، فهو الذي يضع المنهج، وهو الذي يهدي، ولا يصح أن الله يخلق والناس تضع المنهج. كما قلنا في مسألة الصانع الذي يضع كتالوج لصيانة صَنْعته لأنه الأدْرى بها الخبير بما يُصلحها. هنا قال: { فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } [الزخرف: 27] بالسين الدالة على الاستقبال، وفي موضع آخر قالفَهُوَ يَهْدِينِ } [الشعراء: 78] بالمضارع، وهذا يدل على الهداية من الله متصلة في الحاضر والمستقبل. ولأن الهداية والمنهج لا يكون إلا من الذي خلق استخدم أسلوب القصر: { فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } [الزخرف: 27] وفي آية الشعراءٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ } [الشعراء: 78-80]. فقدَّم الضمير المنفصل على الفعل، ليدل على قَصْر الفعل على الله تعالى، لأن هذه الأفعال بها شُبْهة المشاركة مع الله تعالى، أما في الأفعال التي لله وحده لا شبهةَ للمشاركة فيها، فتأتي بدون قَصْر:وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ } [الشعراء: 81].